في فجر ليلةٍ صفتْ سماؤها، وعمّ ضياؤها، وطابَ هواؤها، وضعت آمنة بنت وهب سيدنا محمداً بن عبد الله صلّى الله عليه وسلم وذلك يوم الاثنين (12) ربيع الأول سنة (571م).. وقد سُئل صلّى الله عليه وسلم عن صوم يوم الاثنين فقال: «ذلك يوم ولدت فيه، وفيه بُعثت [بالنبوة]، وفيه أنزل عليّ [القرآن]» رواه مسلم.
وإنّ خير ما يفعله المسلمون في ذكرى مولد الرسول صلّى الله عليه وسلم هو تجديد الحبّ والولاء وتأكيد الطاعة والاتباع للرسول صلّى الله عليه وسلم في كلّ الأمور. وبهذه المناسبة نسلّط الضوء على أهم حقوق النبي صلّى الله عليه وسلم للعلم والعمل بها:
1. الإيمان به وتصديقه بكل ما جاء به من عند ربه عزّ وجل، قال تعالى: {... فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف، الآية: 158].
2. التعرّف على شخصيته الفريدة وسيرته الشريفة وخصاله المجيدة وصفاته الحميدة، لكي نزداد له حباً وتوقيراً وبه اقتداءً، وذلك من خلال تعلّم سيرته وأحاديثه والتعرّف على سننه وآدابه وأخلاقه، قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب، الآية: 21].
3. تقديم محبته صلّى الله عليه وسلم على محبة غيره من الخلق، قال تعالى:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب، الآية: 6]، أي أنه صلّى الله عليه وسلم أولى وأحق بالحب من أنفسهم التي بين جنبيهم، وفي الحديث «ثلاثٌ من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان.. أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما» متفق عليه.
4. طاعته واتباع شريعته صلّى الله عليه وسلم والاحتكام إليها في كلّ شؤون الحياة. قال تعالى:{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء، الآية: 65].
5. إحياء سنته والتمسك بها، قال تعالى:{ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر، الآية: 7].
6. التأسي بأخلاقه الكريمة، قال الله تعالى في حقه: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم، الآية: 4]. ومن أخلاقه العظيمة: حُسن عشرته وبسامة ثغره وطلاقة وجهه، تواضعه وحِلمه وعفوه، كرمه وجوده، عدله وشجاعته، صبره ورحمته وزهده.
7. حمل رسالته وتبليغ دعوته للناس كافة بالحكمة والموعظة الحسنة. قال تعالى: { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُواْ إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}[يوسف، الآية: 108].
8. إحياء فريضة الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله وتحكيم شريعته وتحرير العباد والبلاد من الكفرة والظالمين. قال تعالى:{ وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ.} [النساء، الآية: 75].
9. الإكثار من الصلاة والسلام عليه امتثالاً لقوله عزّ وجل: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب، الآية: 56]. والصلاة من الله معناها الرحمة ومن غيره معناها الدعاء. وفي الحديث: «أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليّ صلاة» رواه الترمذي.
10. محبّة آل بيته وأزواجه أمهات المؤمنين وأصحابه رضي الله عنهم، قال صلّى الله عليه وسلم: «أحبّوا آل بيتي لحبّي» رواه الترمذي. وقال أيضاً: «ألله ألله في أصحابي» رواه الترمذي. ومعنى الحديث اتقوا الله في أصحابي.
ولذلك: علينا أن نحرص على القيام بهذه الحقوق لتكون محبتنا للنبيّ صلّى الله عليه وسلم فعلاً واقتداءً لا قولاً وادعاءً. قال تعالى: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران، الآية: 31].
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن