يوم الميلاد... شموع تطفئ نوراً
قد لا يدرك كثير من المربين خطورة ما يشاركون في صناعة أحداثه، وقد يستهين البعض بما يسمع من إنكار ويستخِفّ في طرح المسألة، ويتّهم من يسلط الضوء على تصرفاتٍ هجينة على مجتمعنا بالرجعية والانغلاق والانكفاء... والمظاهر البراقة تسلب اللُّبَّ وتسبي الفكر وتترك الروح خاويةً في فضاء الأحلام، تائهةً عن معرفة هويتها...
هكذا يصوَّر للطفل في يوم ميلاده بأن العالم كله يحتفل معه، وتُضاء الشموع بزخرفها فتأخذ الدنيا في إدراكه معنى جديداً... فما هي الآثار السلبية لتلك الحلة وتلك الزينة؟ وما هي السموم النفسية التي تنطوي عليها هذه الاحتفالات المسمّاة زوراً "عيد الميلاد"؟
اتفق العلماء على حرمة التشبه باليهود والنصارى؛ ففي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَتَتَّبِعُن من كان قبلكم حذو القِذَّة بالقذَّة حتى لو دخلوا جُحْر ضبّ لدخلتموه"؛ قالوا: اليهود والنصارى؟ قال: "فمن؟". وعيد الميلاد لم يكن له أصل في التشريع الإسلامي، فمن أين اقْتُبِس حُكْمُ الحِلّ فيه؟! وما وجهة تخريج استعارته من أهل الكتاب؟
سنعالج المسألة من الناحية التربوية وآثارها على الطفل، لنتحقق من رؤية ما لم يره الكثير بإذن الله:
• تعويد الطفل على تخصيص يوم ولادته سنوياً للاحتفال به سيعزز في نفسه مبدأ التفاضل على الآخرين بأمر لا فضل له به، فهذا يوم ٌلم يختره للقدوم إلى الدنيا، فما الفضل فيه؟!
• ظهور الأنا المستعلية على الآخرين، وكلما تكرر هذا الفعل كَبُرت وعَظُمت أناه! وصَعُبَ بعد ذلك تصغيرها...
• ربط الشعور بالفرح والسرور بالماديّات والمظاهر، فيصبح من الصعب إرضاء الطفل بأمر معنوي كالثناء!
• ربطُ الطفل بعادات غربية وتعويدُه على تقبُّلها حيث أنها أتت إليه مزينةً ومحمّلةً بالهدايا والغبطة والسرور، بينما يتدنى مستوى تقبله لتعاليم الإسلام لأنه صوِّر له بوجهين (حلال وحرام)، صورة جامدة بلا ألوان أو حياة!
أضف إلى ذلك ما تترك هذه الاحتفالات من شعور بالغيرة والحسد وعدم الرضا عن الأهل لدى من ضَعُفَت قدرة أهلهم عن الإتيان بمثل هذا لأبنائهم.
هذه الأمور الظاهرة ستترك أثراً سلبيّاً باطناً في نفس الطفل، فإن ما تقوم به الجوارح سيؤثر في القلب، وما يتحرك في القلب سيظهر في السلوك. ومن الغريب ومن المستهجَن أن نتمسك بسلوكياتٍ وننظرَ لها على أنها من الواجبات التربوية تجاه أبنائنا وأن حذفها من قاموسنا سيؤدي إلى انتكاساتٍ نفسيةٍ، ونغفُل عن أخلاقٍ أدّى حذفها إلى تضييع هُويِتنا واعتزازِ أبنائنا بديننا!
علينا أن نعيد النظر في مثل هذه المناسبات وأن نستثمر كل عام ينقضي من أعمارنا في التوعية والتوجيه والإرشاد الصحيح نحو بناء شخصية مسلمة مسؤولة معتزة بدينها وبكرامتها
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة