أ. عائشة عبد الله عزازي، بكالوريوس في اللغة الإنكليزية. مديرة تنفيذية لمركز تدريبي في الرياض.
أمانة رشيدة
رشيدة رشيدة.. أحضري وريقات من النعناع والبقدونس، واحترسي من قطع حبات الطماطم فهي لم تنضج بعد. وصوت طفوليّ من الخارج: حاضر حاضر يا أمي.
خرجت رشيدة مسرعة إلى حديقة المنزل، وأخذت تقطف وريقات من النعناع والبقدونس فكانت تلهو وتركض وراء قطتها المدللة بيضاء، فتنادي بأعلى صوتها: بيضاء يا أجمل قطة في الكون!
تضحك وشعرها البني يتناثر على كتفيها، وفجأة وقع ما لم يكن في الحسبان، سقطت على حوض البندورة؛ وتهشمت حباته؛ فتوقفت عن الغناء وشحب لونها ووجف قلبها وأخذت تفرك يديها من الخوف وأخذت تفكر ماذا تفعل، وفجأة استيقظت على صوت والدتها وهي تنادي من نافذة المطبخ: رشيدة ابنتي تأخرتِ يا ابنتي.
أجابتها رشيدة ورجفة بصوتها: قادمة قادمة يا أمي.
ناولت والدتها وريقات النعناع والبقدونس وخرجت مسرعة إلى غرفتها ،استوقفها صوت والدتها: اغتسلي واستبدلي ثيابك؛ فوالدك قد شارف على الوصول إلى المنزل.
أجابت بصوت منخفض: حسنًا حسنًا.
وبعد بضع دقائق جلست الأسرة على الطاولة المستديرة يتناولون طعام الغداء، ما أجمل الطعام! سلمت الأيدي يا أم عامر، أدامكِ الله لنا، وخرج أبو عامر من المطبخ متوجها إلى حديقته الجميلة، فهو يحرص عليها أشد الحرص، وفجأة صاح بصوت مرتفع :من فعل هذا؟
من هشم حوض الطماطم؟ خرجت أم عامر من المطبخ مسرعة والأولاد يركضون صوب والدهم، تعجبت أم رشيدة وقالت: لا أدري لا أدري.
صمتت فجأة ونظرت نحو رشيدة ،عادت الأسرة إلى المنزل، واجتمع أبو عامر مع أسرته وقال: يا أبنائي من الفاعل؟
قال عامر: لست أنا.
وكذلك أحمد وخالد، وأجابت رشيدة: لست أنا.
هنا أطرق أبو عامر التفكير، وفجأة قال: في الغد لنا لقاء.
والتفت وقال: الأمانة الأمانة من ضيعها أضاع الفلاح أضاع الفلاح!
نظر الأولاد إلى بعضهم وذهبوا إلى غرفهم، كانت ليلة ثقيلة على رشيدة ، وأخذت تبكي وتفكر وتفكر إلى أن باغتها النوم. اجتمعت الأسرة مجددًا في غرفة المعيشة والوالد يتفرس وجوه أولاده، وفجأة قال: الأمانة الأمانة، مفتاح الفلاح، ورضى الرحمن، فأجهشت رشيدة في البكاء وقالت: أبي أبي لن أضيّع الأمانة! لن أضيّع الأمانة! لن أضيّع رضى الرحمن! أنا هشمتها دون قصد.
ابتسم الأب عامر، وحمد الله على أمانة ابنته وقولها الصدق، وكافأها بهدية ثمينة.
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة