رفـقــاً..بعقلٍ وقلبٍ ودين!
لا زلت أذكر يوم تقدّمتَ لي واخترتك من بين عشرات.. فاجتاحني حبّك.. وشلّني عمّن دونك.. فلم أسترجع أنفاسي إلا ونحن في بيتـنا معاً.. نسكر من مشاعر غضّة اكتسحت الفضاء.. ولوّنت العمُر بكل جميل.. لم ننسج حكاية غرامنا تلك من صوف الوهم والسذاجة.. وإنما أقَمنا البنيان على قواعد ثابتة وأساسٍ متين.. من الدّين انطلقنا.. يحدونا الأمل أنّنا على الصراط القويم..
كان الغَزْل متشابكاً.. لا ينقضه عارِضٌ ولا متربّص.. حتى مرّ ذاك الإعصار الذي هزّني.. وتوقّف الزمن عند تلك النقطة التي وجدتك فيها إنساناً تحتمل عدّة وجوه.. وأفهام! لا أقول نفاقاً اجتماعياً.. وإنما تلوّن دينيّ!
لم أكن أتخيّل أن يكون وجعي منك منطلقه (الدّين)! أو لأكُن أكثر تحديداً: فهمكَ وممارستك للدّين!
فالدّين عندك شعائر جافة.. لا روح فيها.. ولا خيرَ في ركوع وسجود لا يُثمِر حسن الخُلُق ورِفعة المعاملة! تنتهي من التسليم فتشتم هذا وتستغيب ذاك وكأنّك منزّه من كل عيب تراه في الآخرين! ثمّ تتباهى بعلمٍ كان منتهاه شهادة علّقتها على جدار.. كان الأجدى أن تتعلّق بك القلوب لأنك تهديها للحق.. وأول تلك القلوب قلبٌ اختارك ليشاركك الحياة فأبخسته حقّه.. ولو عاد به الزمن إلى الوراء لكان سبب رفضك هو نفسه سبب القبول بك..! فقد فهمتُ الآن أنك لا تفقه الدّين!
كلّ ما تحفظه من التعاليم: القِوامة للرجل.. والقرار لي.. فأنا المسؤول! تتبع هذا الفِكر سلسلة طويلة من اللاءات تخنقني: لا تخرجي.. لا تعملي.. لا تتصلي.. لا تستقبلي.. لا تلتهي.. وأُخرى! دون أن تساورك أيّة فكرة أن هناك مساحة أستطيع التحرك فيها بدون مشورتك.. كالتنفس مثلاً!! فأين الشورى وأين الرعاية وأين التذمم وأين التودد؟! فـ(لا) بدون حوار لا تبني ولا تُبقي حباً وتراحماً!
لِم تعتقد أن تكرار الابتسامة يُفقِدك الهيبة؟ وأنه بعد انقضاء الشهور الأولى من الزواج عليك خلعُها على باب البيت قبل الدخول لئلا توردك المهالك؟! ومَن ادّعى أنّ الإدمان لا يكون إلا على المنكرات
والمحرّمات؟! ففي التفرّغ للطاعات دون مراعاة الأولويات ودون توازن أيضاً إدمان.. ولكن من نوع آخر لا يقلّ بنظري خطورة عن الأول.. ففي كلٍّ لذّةٌ تسبح النفس فيها على حساب (الآخر)! وأنا أول سطر في قصة هذا (الآخر)! فارعَني!!
هل تذكر يوم أقسمت لي أنك ستُسعدني وأكون لكَ كروحك؟! لم تخبرني بمَ أقسمت يومها! بربّك لا تقل بالله!.. لأنك لن تبَرّ بقسمك حتى تفي به.. وإلّا فأعدني إلى أهلي كما أخذتني منهم! أو تُب ممّا يسيء لتستقيم!
تأمّل معي: لم يقل النبيّ صلى الله عليه وسلم إنما أتيتُ لأتمّم الأحكام بل قال: «إنّما بُعِثت لأتمّم مكارم الأخلاق»! موطأ مالك، فهلاّ درستَ أخلاق النبي (ص) لتقتبس من نوره ونهجه فتقتدي.. وتتعلّم منه كيف كان يعامل زوجاته، ويشاورهنّ، ويراعيهنّ، ويصبر عليهنّ، ويعلّمهنّ، ويحاورهنّ، ويفصِح عن حبه لهنّ، ويلاطفهنّ، ويتزيّن لهنّ، ويلعب معهنّ، ويخصّص الوقت لهنّ، وينصت لهنّ، ويمدحهنّ... وأكثر!
فإن كنتَ صاحب دينٍ فلِم لا تتأسّى بالحبيب لتأخذ أجر السنّة وأجر حُسْن التبعّل؟! فالدّين سلوك أيضاً والحب فِعل تُشكّله عاطفة صادقة.. والسكن يستحق!
دقّة القلب اليوم حزينة على النفس.. وعلى (الدّين) الذي شوّهوه من قلّة فهمهم للدّين!
فاللهمّ علماً وفِقها.. لنفقَهَ الإسلام سلوكاً قبل أن نحفظه أحكاماً!
وإليكَ أيها الزوج: رِفقاً بعقلٍ وقلب.. ودين!
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة