الصحوة ورهان التعايش مع الطغاة!
لقد انطلقت الصحوة الإسلامية المعاصرة بعدما هُزمتْ الدولة العثمانية وأُسقطتْ الخلافة التي كانت تمثّل وحدة المسلمين سياسياً... مع كل الجهود الصادقة المخلصة التي بذلها السلطان العادل الغيور على الأمة والشريعة (عبد الحميد الثاني) لإيقاف تداعيها وسقوطها وصدّه الهجمات والمؤامرات ضدها...
انطلقت هذه الصحوة من مصر وتركيا وباكستان والهند، ثم تمدَّدت من مصر إلى سائر البلدان العربية مصوِّبةً نحو هدف (استئناف الحياة الإسلامية من جديد) بعد نشر الوعي في الأمة والأخذ بأسباب النهوض وبذل جهود التربية والبناء... وكان يتقدمها أمثال البنّا والنُّورْسي والمودودي والنَّبْهاني والنَّدْوي وسيد قطب رحمهم الله جميعاً ورضي عنهم وأجزل ثوابهم مع جمهرة من علماء الشريعة الموثوقين الصادقين الأحرار في مختلف بلاد المسلمين.
وكانت عملية العودة بالأمة إلى الفهم الصحيح للإسلام والتربية عليه، وإلى الوعي السياسي: مُجْهِدةً وشاقّة بعد عهود متراكمة من الضعف والتخلف وكذلك بسبب ضخامة المؤامرات وقسوتها... ما أدخلها في مِحَن قاسية وشديدة هي من سُنن الله عز وجل في دورات التغيير الحضاري للأمم.
ومع كل المكاسب والإنجازات الضخمة التي حقَقَتْها (الصحوة الإسلامية) ظهرت في مسيرتها أيضاً مكامنُ ضعفٍ في العلم الشرعي وفي منسوب الجهود المطلوبة في التربية والبناء وفي الوعي السياسي وخاصة في نوعية العلاقة مع الأنظمة التي (ركّبهاالأعداء) قبل خروجهم عسكرياً من بلاد المسلمين.
ثم ابتداءً من آخر سبعينيات القرن الماضي ساد منطق التعايش مع الأنظمة الجاهلية- منطقٌ شَكَّلَهُ ضغطُ الواقع والانهزام الثقافي والسياسي مقابل ضخامة الآلة الأمنية والإعلامية والثقافية للأنظمة الحاكمة والنُّخب العلمانية-والمشاركة معها على مقاعد السلطة التشريعية (مجالس الشعب والنواب) وعلى مقاعد الاستيزار (الوصول إلى الوزارات في حكومات علمانية غاشمة مارست الظلم بأبشع صُوَره في حق شعوبها وسرقت الأموال الطائلة- المُرعبة في ضخامة أرقامها - ونمَتْ على سطح سُلْطاتها المتغوِّلة طحالب المافيات المالية والأمنية)... وكان من جراء ذلك توقُّف حركة الدفع للتغيير منذ حوالَيْ أربعة عقود... وإذ بنا نجد ثورات بعض الشعوب الآن بتلوُّناتها الفكرية المتعددة تسبق الحركة الإسلامية في الثورة على الطغيان ومواجهة الظَّلَمة منالحكام...
أليس حريّاً بجمهور الصحوة وخاصة علماءها وقياداتها أن ينابذ الظالمين ويفاصِلَهم كما في الحديث الصحيح "فمن نابذهم فقد سَلِم"وأن يُصغي لقول الله عزّ وجل: (ولاتركنوا إلى الذين ظلموا) لتُمارس الصحوة وظيفتها الأساسية وهي التغييرلا التعايش لأنه لا يتأتى منه إلا تخدير الجماهير وإطالة أمد الطغيان؟!!
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن