الهجرة... وجدليّة الإسلام أولاً أم الوطن؟
أمَا وإنّ صفحات سنة كاملة طُويت ووَصَلْنا مع كتاب (عام 1433هــ) إلى نهايته لنفتتحَ عاماً هجرياً جديداً: فلا بُدّ أن نتذكّر الإنجاز البشري الفريد الذي حقّقه سيّدُ البشر سيدنا رسولُ الله الذي خَتَم اللهُ به النبوّة وأتمّ الديانة وعمّم الرحمة.. نعني به إنجاز الهجرة المباركة الفريدة من مكة المشرّفة إلى المدينة المعظّمة لأعظم وأفخم وأفضل جماعة في التاريخ البشري، يرافقه أصحابُه الذين هاجروا معه ابتغاءً لمرضاة الله ونُصرةً لدينه وتأييداً لنبيِّه وتطلُّعاً إلى مشاركته في بناء أول دولة في الإسلام تفتتحُ بها البشريةُ عهداً جديداً من تاريخها الطويل بدين جديد: بقِيَمه الرفيعة وأهدافه العظيمة وإنسانيته التي تعطّشت إليها بعد طول العناء ومُرّ العذاب بسبب شقاء وجفاف الجاهليات التي اكتوت بنارها وتلظَّتْ بظُلمها وانحرافاتها.
وإذا كان للهجرة النبوية دروس لا تنضب إلاّ أن أعظمها وأهمها، وأكبرها وأعمقها هو: أن الحب لله، والحبّ في الله، والولاء لدينه والتضحية من أجل سيادته في الأرض ـ بكل ما أوتي المسلمون من طاقة وذكاء وتدبير ـ هي الأساس والمعيار.
ومن أجل ذلك فارق الصحابةُ قبائلَهم وأهاليهم الذين عاندوا دينَ الله، وعقدوا عُقدة الإخاء مع إخوانهم في الدين حتى ولو لم يشاركوهم الانتماء الوطني والولاء القبلي، وفارقوا الوطن ـ وما أعزّ وأصعب ذلك على المرء ـ إيثاراً للعقيدة ومتطلَّبات حركة الدعوة.
ولكنْ مابالُ دعاةٍ قياديِّين وشيوخ معمَّمين! يتغنَّوْن بالهجرة كلما أطل عامٌ جديد ويُمارسون في بعض بلاد المسلمين بسذاجة طقوس الاحتفال بذكراها في الوقت الذي يُديرون ظهورَهم لأعظم دروسها بإعلائهم عقيرة (دعوة العلمانيين) التي تنظر إلى الدين على أنه شأن شخصي وليس نظاماً شاملاً أَمَر الله بتطبيقه، لتبرِّر بهذا المنطق الأعمى المحادّ لله ولدينه إحلالَها (معياريّة المواطنة) محل (معياريّة الإسلام)، وجَعْلَها (الحب في الوطن) و(البُغض في الوطن) محلّ (الحب في الله) و(البُغض في الله)؟!
فهل نراجع أنفسنا ونتوب إلى ربِّنا ونستفيد من هجرة نبيّنا صلى الله عليه وسلم الدرسَ الحقيقي الذي يجب أن نتعلَّمه؟ أم نبقى نقتصر على مجرّد الاحتفالات الموسميّة دون أن نُحقِّق النُّقلة الإيمانية الحركيّة التي يُريدها الله ورسولُه صلوات الله وسلامه عليه منا؟!
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة