فتاوى في قضايا معاصرة

للعلاّمة الشيخ محمد تقيّ العثماني
فتاوى في قضايا معاصرة
1- سئل عن زواج المسلمة بغير المسلم؟
فأجاب: لا يجوز لمسلمة أن تنكح غير مسلم في حال من الأحوال، قال الله:﴿ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبدٌ مؤمنٌ خيرٌ من مشركﹴ ولو أعجبكم﴾ وقال تعالى:﴿لا هنَ حلٌ لهم ولا هم يحلّون لهنّ﴾.
وإن الطمع في إسلام أحد لا يبرّر لمسلمة أن تعقد معه الزواج، فإن مثل هذا الطمع الموهوم لا يحلّ حراماً.
وكذلك لو أسلمت المرأة وزوجها كافر، فإن النكاح ينقطع بينها وبينه بمجرد إسلامها عند الجمهور، وبإنكار الزوج الإسلام بعد العرض عليه عند الحنفية، فلو أسلم الزوج وهي في عدّته، رجع النكاح الأول، ولو لم يسلم إلا بعد العدّة لا ترجع إليه الزوجة المسلمة إلا بنكاح جديد بينهما، وهذا أمر قد اتفق عليه الفقهاء قديماً وحديثاً، وإن الطمع الموهوم في إسلام الزوج لا يغيّر حكم الشرع.
2- وسئل عن سفر المرأة للدراسة بغير محرم؟
فأجاب حفظه الله: أخرج مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ:"لا تسافر المرأة فوق ثلاث، إلا ومعها زوجها أو ذو رحم محرم منها".
هذا الحكم الصريح قد أخذ به جمهور الفقهاء، حتى أنهم لم يجوِزوا لها أن تسافر بدون محرم لضرورة الحج. ون الدراسة والعمل في البلاد الأجنبية ليس من ضرورة النساء المسلمات في شيء، فإن الشريعة لم تأذن للمرأة بالخروج من دارها إلا لحاجة ملحّة، وقد ألزم أباها أو زوجها بأن يكفل لها جميع حاجاتها المالية، فليس لها أن تسافر بغير محرم لمثل هذه الحوائج.
أما إذا كانت المرأة ليس لها زوج أو أب أو غيرهما من أقاربها الذين يكفلون لها المعيشة، وليس عندها من المال ما يسد حاجتها، فحينئذ يجوز لها أن تخرج للاكتساب بقدر الضرورة، ملتزمة بأحكام الحجاب، فيكفي لها في مثل هذه الحال أن تكتسب في وطنها، ولا حاجة لها إلى السفر إلى البلاد الأجنبية. ولو لم تجد بدّاً من السفر في وطنها من بلد إلى آخر، ولم تجد أحداً من محارمها، ففي مثل هذه الحالة فقط يسع لها أن تأخذ بمذهب مالك والشافعي، حيث جوّزوا لها السفر مع النساء المسلمات الثقات.
3- وسئل عن الزواج بنيّة الفراق؟
فكان جوابه: ما دامت صيغة النكاح لا تتقيّد بوقت ولا زمان، وتستوفي شروط انعقاد النكاح، فإن النكاح منعقد، والتمتع به جائز، وأما ما يضمره المتعاقدان أو أحدهما من نية الفرقة بعد اكتمال مدة ما، فلا أثر له في صحة النكاح، غير أنه لما كان النكاح في الشريعة عقداً مؤبداً، فالمطلوب فيه أن يستدام من قبل الزوجين، ولا ينقض إلا عند حاجة شديدة تقتضي ذلك، وإن إضمار نية الفرقة منذ أول الأمر ينافي هذا المقصود، فلا يخلو من كراهة ديانةً، فلا يصار إليه إلا عند ضرورة من شدة الشَبق فراراً من الزنا الحرام.
4- وسئل عن تزيُن المرأة في محلات العمل؟
فأجاب: قد أسلفنا في الجواب السابق بيان حكم خروج المرأة للاكتساب، وبناءً على ذلك، لو كان هناك ما يبرر خروجها شرعاً، فمن اللازم عليها ألاّ تخرج متبرجة بزينة.
5- وسئل عن مصافحة المرأة للرجال الأجانب؟
فأجاب: إن مصافحة المرأة للأجانب لا تجوز بحال، قد نطقت بذلك الأحاديث، واتفق عليها الفقهاء.
6- وسئل عن عمل الأزواج والآباء في بيع الخمور ونحوها من المحرّمات؟
فأجاب: يجب على الزوجات في مثل هذه الحال أن يبذلن أقصى ما في وسعهنّ في تحذير أزواجهن من العمل في بيع الخمور والخنازير، ولكنهم إن أبوا إلا العمل فيه، فإن تيسر لهن تحمل نفقات أنفسهن بطرق مباحة، فلا يجوز لهن الأكل من أموال أزواجهن، وإن لم يتيسَر لهن ذلك فيسع لهن الأكل، والإثم على الأزواج والآباء، وحكم الأطفال الصغار حكم الزوجات، أما الأولاد الكبار فعليهم أن يكتسبوا لأنفسهم ولا يأكلوا من هذا المال.
وجواز الأكل للزوجة في مثل هذه الحالة قد صرح به بعض الفقهاء، قال ابن عابدين رحمه الله:
( امرأة زوجها في أرض الجور، إذا أكلت من طعامه ولم يكن عينه غصباً، أو اشترى طعاماً أو كسوة من مالﹴ أصله ليس بطيب: فهي في سعة من ذلك، والإثم على الزوج ) (1).
(1) رد المحتار، كتاب الحظر والإباحة، فصل في البيع: 5/247؛ وكتاب البيوع، باب البيع الفاسد
من كتابه
"بحوث في قضايا فقهية معاصرة"
طبعة دار القلم – دمشق
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
تغيّرات نوعية تستوجب مسارات استثنائية
العلمانيّة... الوجه الحقيقي
الإنسان كما يريده القرآن ـ الجزء الرابع
أدباء الدَّعوة في انتظار الـمِظلّة
جواب العلم والدين.. لما تعارض عن يقين!