العيد.. عيديْن! رحلة في بلاد الشرق

     في كلّ عام لله أيّام جليلة القدرِ عظيمة الشأْن ينتظرها المسلمون في شتى بقاع الأرض بكلّ شوق وحبّ فتأنس بها النفوس وتسعد بها الأرواح وتقوى بها أواصر القرب والعلاقات الإنسانية. ومن هذه الأيام الجليلة عيد الأضحى يوم العيد الأكبر، يوم الحج.

     مكانة هذا اليوم قدسيّة في نفوس المسلمين على اختلاف ألوانهم وأعراقهم وأجناسهم. وكيف لا؟ فقدسيته اقترنت بشعيرة الحج وهي الركن الخامس من أركان الاسلام والتي لا يستقيم ديننا الحنيف إلّا بها. فهم بذلك يتّفقون على أداء جميع المناسك والشعائر وفقًا للسنة المحمدية. لكنهم يختلفون في عادتهم وطقوس احتفالهم.

     على سبيل المثال الشعب الياباني المسلم منظَّمون وحريصون أشدَّ الحرص على إظهار صورة الإسلام البهية المشرقة لغير المسلمين. فهم كخليّة النحل على مدار الساعة مجتهدين يجتمعون رجالًا ونساءً. يتشاورن لوضع الخطط والترتيبات اللازمة استعدادًا للاحتفال بأيام الله العظيمة لتكون على أحسن وأفضل وجه.

     فقُبَيْل العيد يتفقَّدون المساجد ويقومون بتخصيص أماكن لاستيعاب أعداد المصلين لصلاة بكل يسر وسهولة والاستماع لخطبة العيد، ومن ثم الاحتفال بتناول ما لذّ وطاب من المأكولات والنكهات وإعداد أصناف مختلفة من الحلوى وتوزيع الهدايا على الأطفال وكبار السِّنِّ والحرص الشديد على تفقد الأيتام والأرامل ومن كان في حاجة. ويحرصون على تطبيق الشريعة الربانية بذبح الأضحية وفقًا للشريعة الإسلامية سواء كانت في اليابان أو عبر إرسال النقود إلى بلاد العالم الإسلامي.

    وللعيد في اليابان جماليات كثيرة فمن خلال زيارتي المتكرِّرة وجدتهم يحرصون أشدَّ الحرص على الاختلاط بالجاليات الإسلامية الأخرى، وعلى تبادل الزيارات والمأكولات والحلوى. وأيضًا وجدتهم يحرصون على دعوة غير المسلمين من جميع فئات المجتمع الياباني لإظهار سماحة الدين.

     الحمد الله الذي مَنَّ علينا بهذه الأيام الجليلة التي تهب في قلوبنا الفرح والسرور وتزيل عنّا هموم الحياة وغمومها المتلبِّدة، والحمد الله على نعمة النور والنورانية من جمال هذا الدين في أرض الله الواسعة.