أبوه ما ربّاه
كتب بواسطة د. عبد الكريم بكار
التاريخ:
فى : زينة الحياة
1309 مشاهدة
ذكروا أن فتى يافعاً ارتكب جريمة شنيعة ، فحُكِم عليه بالإعدام ، وحين حضر الناس ليشهدوا تنفيذ الحكم ، تقدم شخص ، وقال : أوقفوا التنفيذ ، وأوقعوا العقوبة على أبيه الذي لم يُحسن تربيته . هنا قال الفتى : أبي رباني ،ولكن َّ أباه ما رباه . لو سألنا الأب : لماذا لم تربِّ ابنك كما ينبغي ، فصار مجرماً ؟ لقال : قد بذلت جهدي في تربيته ، وربما قال لنا الرجل: أنا ربيته لكن أبي ما رباني ! وهكذا تحال القضية في نهاية الأمر على مجهول!.
نعم لا يكفي أن نكون حريصين على تربية أبنائنا ، ولا يكفي أن نحبهم بغير حدود ، بل لابد مع هذا من أمرين :
الأول : أن نتعلم كيف نربيهم ، وأن ندرس ونقرأ بعمق في الثقافة التربوية ، وهذه قاعدة عامة ، فالعمل حتى يكون صحيحاً ومقبولاً يفتقر إلى أمرين : الإخلاص والصواب .
الثاني : البيئة التي نربي فيها أبناءنا والبلد الذي يعيشون فيه معنا ، وهذا يجعلنا نفكر في دورنا في الإصلاح العام وفي الاستثمار في الوعي المشترك ، فقد رأيت أطفالاً أذكياء نبهاء ، لكنهم يعيشون في فاقة وحرمان وبؤس محزن ، وما ذلك إلا لأنهم شبوا وترعرعوا في بيئات ضرب فيها التخلف أطنابه ، وسادها الفقر والفوضى والكسل والجهل والظلم والاستبداد … فصار الطفل يشعر وكأنه يعيش في سجن مكبلاً بالقيود ، فما يكون منه سوى أن يستسلم ، ويعاني نفس المعاناة التي عاشها آباؤه وأجداده من قبل .
قد ثبت أيها الإخوة والأخوات أن أقوى المعوقات ليس المعوقات المادية بأنواعها ، وإنما المعوقات الذهبية والنفسية والأخلاقية ، تعالوا لنبذل الجهود من أجل تحسين كل ما هو مشترك بيننا ، تعالوا لنرسخ الإيمان في القلوب ، والصدق في التعامل ، وتعالوا لننشر كل ما لدينا من خبرة وعلم وفكر ووعي حتى نضيء به العقول والقلوب ، تعالوا لنجعل متعتنا الحقيقية في البذل والعطاء ومواساة الجراح ، تعالوا لنعمل على أن تكون البيئات التي نعيش فيها مغمورة بالرحمة والمودة واللطف والمراعاة ، تعالوا لنعيش ما تبقى لنا على هذه الأرض كما يريد الله تعالى وحتى لا يقول الأحفاد : آباؤنا ما ربونا ، ولا رباهم آباؤهم …
المصدر : إسلام أون لاين
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة