أقوال أدبائهم وفلاسفتهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم
كتب بواسطة د. محمد راتب النابلسي
التاريخ:
فى : المقالات العامة
1065 مشاهدة
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً، وأجود الناس صدراً وأصدقهم لهجة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرةً، لقد صدق ملك عمان حينما قال بعد أن التقى به: (والله لقد دلني على هذا النبي الأمي، أنه لا يأمر بخير إلا كان أول آخذ به، ولا ينهى عن شيء إلا كان أول تارك له، وأنه يغلب فلا يبطر، ويُغلب فلا يضجر، ويفي بالعهد، وينجز الوعد).
لقد رأى أصحابه رأي العين، كل فضائله ومزاياه، رأوا طهره وعفافه، رأوا أمانته واستقامته، رأوا شجاعته وثباته، رأوا سمّوه وحنانه، رأوا عقله وبيانه، رأوا كماله كالشمس تتألق في رابعة النهار.
وقد اتفق كتّاب السِّير والمؤرخين المنصِفين:
على أنّ صلى الله عليه وسلم كان جمّ التواضع، وافرَ الأدب، يبدأ الناس بالسلام، ينصرف بكله إلى محدثه صغيراً كان أو كبيراً، يكون آخر من يسحب يده إذا صافح وإذا تصدق وضع الصدقة بيده في يد المسكين، و إذا جلس جلس حيث ينتهي به المجلس، لم يرَ ماداً رجليه قط ، ولم يكن يأنف من عمل لقضاء حاجته أو حاجة صاحب أو جار، وكان يذهب إلى السوق و يحمل بضاعته ويقول: أنا أولى بحملها، وكان يجيب دعوة الحر والعبد والمسكين، ويقبل عذر المعتذر، وكان يرفو ثوبه، ويخسف نعله، ويخدم نفسه، ويعقل بعيره ويكنس داره، وكان في مهنة أهله، و كان يأكل مع الخادم، و يقضي حاجة الضعيف والبائس يمشي هوناً خافض الطرف متواصل الأحزان، دائم الفكر، لا ينطق من غير حاجة، طويل السكوت، إذا تكلم تكلم بجوامع الكلم، وكان دمثاً ليس بالجاحد، ولا المهين، يعظم النعم وإن دقت، ولا يذم منها شيئاً، ولا يذم مذاقاً ولا يمدحه، ولا تغضبه الدنيا ولا ما كان لها، ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها، إذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض بصره، وكان يؤلف ولا يفرق، يقرب ولا ينفر، يكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم، يتفقد أصحابه، ويسأل الناس عما في الناس، يحسن الحسن و يصوبه، ويقبح القبيح ويوهنه، ولا يقصر عن حق ولا يجاوزه ولا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه، من سأله حاجة لم يرده إلا بها، أو ما يسره من القول، كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب، ولا مزاح، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يخيب فيه مؤمله، كان لا يذم أحداً ولا يعيره ولا يطلب عورته ولا يتكلم إلا فيما يرجى ثوابه، يضحك مما يضحك منه أصحابه، ويتعجب مما يتعجبون، ويصبر على الغريب وعلى جفوته في مسألته ومنطقه، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوزه.
والحديث عن شمائله صلى الله عليه وسلم حديث يطول لا تتسع له المجلدات ولا خطب في سنوات ولكن الله جل في علاه لخصها بكلمات فقال : ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [سورة القلم: الآية 4].
أما أقوال عظماء الغرب في شخصية الرسول فنذكر طائفةً منها:
أ) : الباحث البريطاني كارييل .
يقول الباحث البريطاني كارييل: إن التشكيك في صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ودينه يعد اليوم عاراً كبيراً و إن علينا الرد على مثل هذه الآراء غير الصحيحة، و الأقوال التي لا معنى لها، فعلى الرغم من مرور القرون على بعثة هذا النبي مايزال مئات الملايين من المسلمين في العالم يستضيئون بنور الرسالة .
ب) : الكاتب البريطاني ميلر.
ويقول ميلر الكاتب البريطاني المعروف: إن بعض الديانات تهتم بالجوانب الروحية من حياة البشر وليس لديها في تعاليمها أي اهتمام بالأمور السياسية والقانونية والاجتماعية، و لكن محمداً ببعثته وأمانته الإلهية كان نبياً وكان رجل دولة ومقنناً أي واضعاً للقوانين وقد اشتملت شريعته على أحكام وقوانين مدنية وسياسية واجتماعية .
جـ) : الكاتب ريتين.
ويقول الكاتب والباحث الغربي ريتين: منذ بزوغ بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وسطوع شمس الإسلام أثبت هذا النبي أن دعوته موجهة للعالمين، وإن هذا الدين المقدس يناسب كل عصر وكل عنصر وكل قومية، و أن أبناء البشر في كل مكان وفي ظل أية حضارة لا غنى لهم عن هذا الدين الذي تنسجم تعاليمه مع الفكر الإنساني .
د) : الكاتب السويسري المعاصر جان .
ويقول المسيو جان الكاتب والعالم السويسري المعاصر: لو أمعنا النظر في أسلوب حياة محمد صلى الله عليه وسلم و أخلاقه على الرغم من مرور أربعة عشر قرناً على بعثته لتمكنا من فهم كنه العلاقة التي تشد ملايين الناس في العالم لهذا الرجل العظيم، والتي جعلتهم وتجعلهم يضحون من أجله ومن أجل مبادئه الإسلامية السامية بالغالي والرخيص.
هـ) : الفيلسوف الروسي تولستوي.
أما الفيلسوف الروسي تولستوي الذي أعجب بالإسلام وتعاليمه في الزهد و الأخلاق والتصوف فقد انبهر بشخصية النبي صلى الله عليه وسلم وظهر ذلك واضحاً على أعماله فيقول في مقالة له بعنوان: من هو محمد؟ إن محمداً هو مؤسس ورسول، وكان من عظماء الرجال الذين خدموا المجتمع الإنساني خدمة جليلة، و يكفيه فخراً أنه هدى أمة برمتها إلى نور الحق، وجعلها تجنح إلى السكينة والسلام، وتؤثر عيشة الزهد، ومنعها من سفك الدماء، وتقديم الضحايا البشرية، وفتح لها طريق الرقي والمدنية، وهو عمل عظيم لا يقدم عليه إلا شخص أوتي قوة و رجل مثله جدير بالاحترام و الإجلال.
ويقول عنه أيضاً: ليس هناك من شك في أن محمداً صلى الله عليه وسلم قدم ببعثته خدمة كبيرة للبشرية فهي فخر وهدى للناس، وهي التي أرست دعائم الصلح والاستقرار والرخاء وفتحت طريق الحضارة والرقي للأجيال، وبديهي أن ما فعله محمد صلى الله عليه وسلم عمل عظيم لا يفعله إلا شخص مقتدر ذو عزم رصين، ومثل هذا الشخص وبلا شك يستحق كل إكرام و تقدير و احترام.
و ) : العالم الإيطالي واكستون.
وكم هو جميل ما قاله العالم الإيطالي واكستون قال: لو سألني أحدهم فقال: من هو محمد الذي تمدحه كل هذا المديح ؟ لقلت له بكل أدب و احترام: إن هذا الرجل المشهور وإن هذا القائد الذي لا نظير له، وعلاوة على كونه مبعوثاً من الله هو رئيس حكومة إسلامية كانت ملجأ وملاذاً لكل المستضعفين والمسلمين، وحامية لمصالحهم الاجتماعية، فإن محمداً الذي يعد باني ومؤسس تلك الحكومة كان قائداً سياسياً لكل ما لهذه الكلمة من معنى .
ز ) : الكاتب الفرنسي كورسيه.
ويقول الكاتب الإفرنسي كورسيه: عندما نهض محمد بدعوته وقبل وبعد انطلاق بعثته كان شاباً شجاعاً شهماً، يحمل أفكاراً تسمو على ما كان سائداً من أفكار في مجتمعه وقد تمكن محمد صلى الله عيه وسلم بسمو أخلاقه من هداية عرب الجاهلية المتعصبين الذين كانوا يعبدون الأصنام إلى عبادة الله الواحد الأحد، وفي ظل حكومته الديمقراطية الموحدة تمكن من القضاء على كل أشكال الفوضى والاختلاف والاقتتال التي كانت شائعة في جزيرة العرب، وأرسى بدل ذلك أسس الأخلاق الحميدة محولاً المجتمع العربي الجاهلي المتوحش إلى مجتمع راق و متحضر .
ح ) : المؤرخ الأوربي جيمس.
وهذا المؤرخ الأوربي جيمس يقول في مقال تحت عنوان الشخصية الخارقة عن النبي صلى الله عليه وسلم و قد أحدث محمد عليه السلام بشخصيته الخارقة للعادة ثورة في الجزيرة العربية وفي الشرق كله فقد حطم الأصنام بيده، وأقام ديناً خالداً يدعو إلى الإيمان بالله وحده .
ط) : الفيلسوف الفرنسي كارديفو.
ويقول الفيلسوف الإفرنسي كارديفو: إن محمداً كان هو النبي الملهم والمؤمن ولم يستطع أحد أن ينازعه المكانة العالية التي كان عليها، إن شعور المساواة والإخاء الذي أسسه محمد بين أعضاء الكتلة الإسلامية كان يطبق عملياً حتى على النبي نفسه .
ي ) : الفيلسوف البريطاني توماس كاريل.
ويقول الفيلسوف البريطاني توماس كاريل وقد خصص من كتابه فصلاً لنبي الإسلام بعنوان (البطل في صورة رسول).
عدّ فيه النبي صلى الله عليه و سلم واحداً من العظماء السبعة الذين أنجبهم التاريخ وقد ردّ هذا المؤلف مزاعم المتعصبين فقال: يزعم المتعصبون أن محمداً لم يكن يريد بقيامه إلا الشهرة الشخصية ومفاخر الجاه والسلطان، كلا والله لقد كانت في فؤاد ذلك الرجل الكبير ابن القفار والفلوات المتورد المقلتين، العظيم النفس، المملوء رحمة وخيراً وحناناً وبراً وحكمة وحجاً وإربة و نهياً أفكاراً غير الطمع الدنيوي، ونوايا خلاف طلب السلطة، والجاه، كيف لا وتلك نفس صامتة ورجل من الذين لا يمكنهم إلا أن يكونوا مخلصين جادين .
فالذين بهرتهم عظمته لمعذورون، وإن الذين افتدوه بأرواحهم لهم الرابحون، فأي إيمان، وأي عزم، وأي مضاء، وأي صدق، وأي طهر، وأي نقاء، وأي تواضع، وأي حب وأي وفاء .
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة