حصل على الدكتوراه في التاريخ الإسلامي من جامعة جلاسكو- بريطانيا . رئيس تحرير مجلة البيان سابقا.
المؤمن القوي
كتب بواسطة د. محمد العبدة
التاريخ:
فى : بوح الخاطر
1579 مشاهدة
_عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير ، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تَعجز. وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل: قدَّر الله وما شاء فعل ، فإن لو تفتحُ عمل الشيطان ” رواه مسلم.
هذا الحديث من جوامع الكَلِم التي أوتيها الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو نصيحة غالية ودعوة صريحة للأمة ،أفراداً وجماعات أن يتملكوا أسباب القوة التي يحبها الله ورسوله ، القوة في كل شيء مادية ومعنوية، وفي جميع معانيها المحبوبة لكل إنسان .
والله سبحانه وتعالى لايحب للمؤمنين أن يكونوا في الجانب الضعيف، ولا أن يكونوا من المتقاعسين الذين يضعفون عن مجابهة التحديات أو يجبنون عن مقاومة الأعداء .
هكذا جاءت الكلمات عامة ( المؤمن القوي )، ولكن تسلية للمؤمن الذي لايملك الشخصية القوية ولا الشكيمة والاعتزاز فإنه لم يستثن من الخيرية ( وفي كل خير ) وذلك حسب ماعنده من جوانب ايجابية ولوأنها قليلة أوضعيفة ، وحتى لا يقع في أجواء الخيبة والخسران ، وهذا من العدل والإنصاف .
من أين تأتي القوة ؟ تأتي من الإيمان العميق والتمسك بالمبدأ ( الإسلام ) الذي يدفعه إلى التضحية والصبر والمصابرة وتقديم النفس والنفيس في سبيله .
تأتي القوة من قول الحق والجهر به والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وتأتي من الأخلاق العالية، فالصبر قوة والرحمة قوة لأنها لا تكون إلا من ذوي النفوس الكبيرة، والعدل قوة لأن العادل لا يخشى بأس المتكبرين ولا يرجو نفعاً من المظلومين والتواضع قوة، والحلم قوة، فالحليم لا يستفزه تطاول الناس لأنه أكبر من ذلك.
وكل هذه القوى كانت متمثلة في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم فهو أشجع الناس وأكرم الناس وأحلم الناس وأعدل الناس.
تأتي القوة من البعد عن سفاسف الأمور والبعد عن الحسد والحقد والصراع من أجل الجاه والمناصب، فالإنسان المعطاء قوي لأنه لا يعتمد في قوته على المال أو الجاه، إنه يملك أشياء لا يستطيع أحد أن يأخذها منه، يملك الصدق والصبر والشجاعة والشهامة.
تأتي القوة عندما يكون المسلم في دائرة التأثير على الآخرين و يمتلك الخارطة الصحيحة والبوصلة التي تدل على الطريق المستقيم.
وأما العجز فإنه يأتي من عدم الاستعانة بالله، وربما يظن الإنسان أنه أخذ بالأسباب وكفى، فيكله الله إلى نفسه وإلى ضعفه ، ولكن الحزم والعزم أن يعمل المسلم ويستعين بالله، ويأتي العجز من التركيز على عيوب الآخرين، ومن الإحساس بالتعاسة والفشل واتهام الظروف الخارجية وكأنها هي المسؤولة عن الوضع الذي يعيشه هؤلاء التعساء.
_ يأتي العجز عندما يعيش الناس بلا معايير أخلاقية أو مطالب أو رؤية، ولكنهم يسعون للقوة من خلال التصاقهم بالآخرين.
يأتي العجز من الأنانية وعدم التعاون مع أهل الخير، ومن عدم الاعتراف بالخطأ والقيام بتصحيحه والتعلم منه بل يستمرالإنسان في خلق الأعذار والتغطية على الخطأ الأول مما يضاعف الفشل والخيبة.
_ يأتي العجز من التحسُّر عما فات والوقوع في دائرة الهم والحزن. ومن العيش في أجواء اللوم: لو أنني فعلت كذا لكان كذا، أو أجواء التمني الفارغ . فالنبي يوسف عليه السلام لم يغرق في رثاء نفسه أو يركز على مساوئ إخوته، ولكنه دعا إلى الله في السجن وكان إيجابياً مع رؤيا الملك ثم مكن الله له وصار الرجل الأول في مصر.
الأبواب مشرعة لكل صاحب طاقة أو موهبة، فلا يستصغر الإنسان نفسه، ولكن ليستعن بالله ول يعجز.
إن إعجابنا بقوة الآلة يكبر يوما بعد يوم ، ولكن القوة الحقيقية ليست في الآلة بل في الإنسان.
المصدر : إسلام أون لاين
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن