الضيف الذي يأتي فجأة
كتب بواسطة د. محمد راتب النابلسي
التاريخ:
فى : المقالات العامة
3254 مشاهدة
قصة حقيقية ومؤثرة من أندر القصص التي جرت معي على الإطلاق :
والله الذي لا إله إلا هو ..
أروي لكم هذه القصة كثيراً لشدة تأثري بها تأثراً بالغاً
لأنها وقعت معي بشكل يقيني .
- كنت قديماً مُدرِّساً بمدرسة ثانوية ، وكانت هناك ساعة فراغ فجائية ، وبيتي بعيد لا يحتمل أن أذهب إلى البيت وأعود ، فكان لابد من أن أمضي هذه الساعة في المدرسة .
فاخترت أن أمضيها عند مدير المدرسة وهو صديقي ، فلما دخلت عليه إستضافني وقدم لي كوباً من الشاي ، وبدأ يشكو لي همومه ومتاعبه ، وأنه متضايق من هذا البلد ، ويريد أن يسافر ، وقد طلب إعارة إلى الجزائر ليُدرّس هناك ، ووافقوا له .
قال لي : أريد أن أذهب إلى هناك ، وأرتاح قليلاً ، قال لي : الراتب مضاعف عندهم ، أريد أن أبقى خمس سنوات ، لا أريد الرجوع في الصيف ، أريد أن أمضي صيفاً في باريس ، وصيفاً في إسبانيا ، وصيفاً في ألمانيا ، وصيفاً في إيطاليا ، وصيفاً في بريطانيا .
قال : أريد أن أرى تلك البلاد ، وأرى متاحفها ، وأرى ريفها ، وحضاراتها ، وبعد خمس سنوات أرجع إلى بلدي وأقدم استقالتي وآخذ التقاعد وأستريح من التعب .
وعندما أعود ومعي المبلغ الذي جمعته من هذا السفر ، سأشتري محلاً تجارياً أبيع فيه التحف القديمة ، وأجعل من هذا المحل منتداً فكرياً وأدبياً ، ( هو كان يدرس مادة الفلسفة )
قال لي : ثم يكبر أولادي ويستلمون هذا المحل ، وأزوجهم من الدخل الذي سأجنيه من هذا المحل ، وأنزل أنا إلى المحل يومياً بعد الظهر ، وأصدقائي يأتون إلي ويجلسون عندي .
وأنا أسمع له كل هذا الوقت وهو يتحدث ، كان متحدثاً لبقاً ، وكلامه لطيف ، وقد رسم لي في مخيلتي والله فيما أذكر ، مشروع عمل لأكثر من ثلاثين سنة قادمة !!
ثم انتهى اللقاء ، فودعته وأكملت دوامي في المدرسة ، ثم بعدها ذهبت للبيت ، وتغديت ، وكان عندي عمل في مركز المدينة مساءً ، فقلت في نفسي : سأذهب وأعود مشياً على الأقدام لأحرك جسدي من أجل الرياضة .
والله الذي لا إله إلا هو ..
وأنا في طريق العودة مساءً إلى بيتي أمشي ، قرأت نعوته على الجدران !!!!!
أقسم لكم بالله .. ( في اليوم نفسه مات )
لقائي كان معه الساعة 11 صباحاً ، ومساءً الساعة 7 رأيت نعوته على الجدران !!!!
العبرة :
أن الإنسان يحلم ويحلم ويحلم، فيأتيه مَلَكُ الموت، فيلغي كل آماله، وكل شطحاته، وكل تصوراته .
( الموت يأتي فجأةً والقبر صندوق العمل )
-فهذا الضيف الذي يأتيك فجأةً ، مهما كان حجمك المالي .. يجعلك تخسره كله في ثانية واحدة !
-أموالك المنقولة وغير المنقولة .. أصبحت ليست لك !
-خزانتك الخاصة في بيتك .. تُفتح ويُؤخذ منها كل شيء !
-ملابسك وبدلاتك الثمينة .. قد يعطوها للفقراء من أجل ألا يتذكروك ويتألموا !
-أشيائك الثمينة وكل الهدايا التي قُدِّمت لك في حياتك .. توزع على الورثة !
-سيارتك التي كنت تعتني بها ولا تسمح لأحد غيرك أن يركبها .. تُؤخذ مفاتيحها وتُركب من قِبل أولادك !
كله انتهى .. لم يبقَ لك شيء .. مغادرة بلا عودة .. لا تملك شيئاً !
لا تملك إلا عملاً صالحاً فقط .
فالكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني .
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة