أ. عائشة عبد الله عزازي، بكالوريوس في اللغة الإنكليزية. مديرة تنفيذية لمركز تدريبي في الرياض.
ميلاد محمد ﷺ: حين أشرقت الأرض بغير شمس

ليست كل الولادات متشابهة، فبعضها يترك أثرًا في عائلة، وبعضها يغيّر مسار أمة. أما ميلاد محمد ﷺ، فقد كان الحدث الذي أعاد تعريف التاريخ نفسه؛ حدثٌ لم تعرف الدنيا له مثيلًا، لأنه لم يكن ميلاد إنسانٍ فقط، بل ميلاد رسالة ونور.
في الثاني عشر من ربيع الأول، وبين جبال مكة الصامتة، شهدت الأرض لحظة لا تُنسى. بيتٌ متواضع يضم آمنة بنت وهب، يستقبل وليدًا سيغيّر مجرى البشرية. لم يكن البيت مزدانًا بالذهب أو الحرير، بل كان بسيطًا، كأن القدر أراد أن يثبت أن العظمة لا تحتاج مظاهر فخمة، بل روحًا عظيمة.
حين وُلد محمد ﷺ، لم يدوِ سوى صوته الصغير، لكن الأثر الذي أحدثه كان أبعد من أي صوت. في تلك الليلة، أطفأ الله نار فارس التي ظلت قرونًا مشتعلة، وتصدّع إيوان كسرى، وغارت بحيرة ساوة. لم تكن هذه مجرد ظواهر، بل رسائل بأن عهدًا جديدًا قد بدأ، وأن الظلام الطويل يتلاشى أمام الفجر القادم.
كبر محمد ﷺ طفلًا هادئًا يحمل في وجهه وقارًا مبكرًا، ثم شابًا لا يعرف الكذب، حتى لقبته قريش بـ الصادق الأمين. لم يكن جيشًا ولا ملكًا، بل رجلًا يحمل كلمة، ومع ذلك غيّر ما لم تغيّره السيوف. فقد جاء ليعلّم أن العدل لا يعرف طبقة، وأن الرحمة ليست ضعفًا، وأن القلوب أقوى من الجدران.
ميلاد الرسول ﷺ لم يكن بداية حياة فرد، بل بداية رسالةٍ تهزّ أركان الظلم، وتزرع الرحمة في القلوب. كان ميلاده فجرًا يعلن أن الإنسانية يمكن أن تنهض من جديد، وأن الكلمة الصادقة قادرة على تغيير العالم. ومنذ ذلك اليوم، صار التاريخ ينقسم إلى ما قبله وما بعده، وبقي النور ممتدًا ما بقي الليل والنهار.
• لم يولد محمد ﷺ ليُضيء بيتًا، بل ليُضيء أمة، ثم عالمًا بأسره.
• في تلك الليلة، لم تحتج السماء إلى قناديل، فقد وُلد من سيكون قمرها للأبد.
• وُلِد يتيمًا، ليُعلّم أن العظمة لا تُقاس بكثرة السند، بل بقوة المبدأ.
• ميلاده لم يكن ميلاد جسد، بل ميلاد نور يزداد إشراقًا كلما مرّ الزمان.
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
ميلاد محمد ﷺ: حين أشرقت الأرض بغير شمس
في ذكرى المولد النبويّ
صرح المولد.. من يبني فيه ومن يُفسد؟
على منهج الرسول الأمين
الإنسان كما يريده القرآن ـ الجزء التاسع