توقّفت حرب غزّة، فماذا بعد؟!

كل مسلم وكل عربي، وكثير من غير المسلمين وغير العرب، كانوا يتابعون أخبار حرب غزة بكثير من القلق، وبتحليلات وتوقعات متباينة. ثم كانت الهدنة وتوقفت الحرب. فأي الدروس تعلّمها من كان يجهلها، وترسّخت في نفس من كان يعلمها؟.
لا نظن أن أحدًا يشك أنها هدنة هشّة، فقد قبِل بها العدو الصهيوني لعله يحفظ بها بعض ماء وجهه إذ عجز عن قهر أهل غزة، مع أنه هو المدجج بأفتك الأسلحة، وهم لا يكادون يملكون سلاحًا سوى إيمانهم باللّه وثقتهم بوعده... وإذًا فاستئناف العدوان على أهل غزّة غير مستبعد، بل إنه سيتكرر، وإن ثبات أهل غزة سيزداد قوة، ولن يتوقف جهادهم بإذن الله.
ولقد كشفت الحرب عما كان خافيًا عن بعض الناس من أن أمريكا وعملاءها لن يتوانَوا في محاربة الإسلام وفي دعم إسرائيل التي، مذ زرعت في أرض فلسطين كانت بؤرة للشر والعدوان، وأن دعاوى حقوق الإنسان واحترام القوانين الدولية... ليست إلا شعارات كاذبة يركلونها بأقدامهم متى وقفت في وجوههم وهم يحاربون الإسلام وأهله.
وظهر، لمن كان غافلًا، أن العدوان الذي تمارسه إسرائيل بصور شتى على الشعب الفلسطيني منذ 1948م، بل قبلها كذلك، وحتى اليوم، لا يمكن مقابلته بالبيانات والمقالات والاستنكارات وبتقديم الشكاوى إلى مجلس الأمن... إنما يقابل بالسلاح، وإلا فهو العبث والخور والجبن... بل الخيانة.
وإن أسوأ مراحل القضية الفلسطينية هي مرحلة ما بين 1948م و1967م، حيث تشتّت جزء كبير من الشعب الفلسطيني في الدول المجاورة وفي بلاد الله الواسعة، وهؤلاء كان همهم أن يجدوا مستقرًا يأوون إليه، وبيتًا أو مخيمًا يبيتون فيه... وقد لقي عدد منهم فرصًا للاستثمار ورفاهية العيش، بمقابل من بقي على أرض فلسطين فإن أكثرهم اضطر أن يعيش مواطنًا من الدرجة الثانية أو الثالثة.
وفي هذه السنوات (1948م – 1967م) تمكّن اليهود الغاصبون من ترسيخ وجودهم وبناء دولتهم، مستفيدين من الدعم الهائل الذي تمدّهم به الولايات المتحدة وغيرها، فضلًا عن المؤسسات الصناعية والتجارية اليهودية عبر العالم، التي لم تتوقف عن تقديم قسط كبير من أرباحها لدعم الدولة المعتدية.
لكن عندما حدث عدوان إسرائيل سنة 1967م واحتُلّت أراضٍ جديدة تغيّرت المعطيات، سواء لدى فلسطينيي الشتات أو فلسطينيي الأرض المحتلة أو لدى دول الجوار التي طالها العدوان. فهنا بدأت سلاسل المقاومة واستمرت إلى اليوم وستستمر إلى أن تتحرر فلسطين وتعود إلى أهلها. قد تهدأ المعركة حينًا وتشتد حينًا لكنها لن تتوقف، بإذن الله، حتى كمال التحرير.
ومعركة طوفان الأقصى التي بدأت في 7/10/2023م واستمرت حتى تشرين الأول 2025م كانت فتحًا مبينًا، أثبتت أن أهل غزة هم الأعمق إيمانًا، والأكثر شجاعة، والأعلى همّة. نعم نقول هذا ونعلم ما حصل من استشهاد المجاهدين ومعهم النساء والشيوخ والأطفال، ونعلم ما حصل من دمار هائل، ولكن أن تعجز الترسانة الإسرائيلية عن حسم المعركة ويقبل زعماؤها بتبادل الأسرى، ويحتفل أهل غزة بالانتصار وهم في روح معنوية عالية، وإصرار على الثبات والجهاد لهو فتح مبين بإذن الله.
ومهما يكن من أعداد القتلى من الفريقين فلا سواء، فقتلانا في الجنة، وقتلاهم في النار، {وإن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون، وترجون من الله ما لا يرجون، وكان الله عليمًا حكيمًا}.
{ولينصرن الله من ينصره. إنّ الله لقوي عزيز}.
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
توقّفت حرب غزّة، فماذا بعد؟!
رؤية إيمانية في ميزان الأقلية والأكثرية
الشهيد الصالح يلتقي مع الشريف
اعتماد الإنسان على الذكاء الاصطناعي: منظور إسلامي
التصويب الإيماني بين المقام الرباني والنفاق الشخصاني