القضاء والقدر وتأخر الرزق
هل يتقدم أو يتأخر قضاء الإنسان ورزقه قبل أن يصله بحسب عمله الصالح أو السيء في هذه الدنيا؟ أم أن نصيب الإنسان يصله في وقته الذي قدّره الله له قبل أن يولد ولا يوجد ما يزحزحه عن وقته أبداً؟
إنّ جميع ما يحصل في الكون يحصل بقضاء الله وقدره، ومن ذلك الرزق، قال الله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (القمر:49)، وقال تعالى: {نحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (الزخرف:32). وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: «إن أحدكم يُجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملَك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقيٌّ أو سعيد».
فكل شيء كتبه الله تعالى وقدّره وسبق علمه به، وقد تعبّدَنَا الله تعالى في السعي والتكسُّب، فقال تعالى: {هو الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} (الملك:15)، وحثّنا في سبيل الحصول على الرزق أن نتبع الطرق الحلال لذلك، فعن أبي أُمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «نفَثَ روح القدس في روعي أن نفساً لن تخرج من الدنيا حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعصية الله؛ فإن الله لا يُنال ما عنده إلا بطاعته» أخرجه الطبراني في المعجم الكبير. ووعدنا على الطاعات ببسط الأرزاق وحصول البركات فيها، ومن ذلك صلة الرحم، فقد أخرج البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أحب أن يُبسطَ له في رزقه ويُنسَأ له في أثره فليصِلْ رحِمه». كما توعّد العصاة بالنكد والحزن في الحياتين الدنيا والآخرة، والتقتير في الرزق، فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وإن العبد ليُحرم الرزق بالذنب يصيبه» أخرجه الإمام أحمد وابن ماجه.
والله تعالى أعلم.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن