الشيخ الجريء عبد الله ناصح علوان
هو الشيخ الداعية المربي عبد الله ناصح علوان. ولد رحمه الله تعالى في بلدته حلب 1347هـ=1982م، وأكب على طلب العلم منذ صغره فتلقى العلوم الطبيعية والشرعية فيها وحصل على الثانوية الشرعية على يد أساتذة أكفاء وعلماء مبرِّزين. انتقل بعد ذلك إلى الأزهر في مصر حيث أكمل تعليمه العالي وحصل على شهادة كلية أصول الدين سنة (1952م) كما حصل على شهادة تخصص التدريس وهي تعادل الماجستير.
وكان له في دمشق مصاحبة وتأثر بالشيخ الدكتور مصطفى السباعي الزعيم الإسلامي المشهور والشيخ الوقور الفقيه المؤرخ نايف عبّاس وسواهما من الشيوخ رحم الله الجميع.
بعد ذلك عاد إلى بلدته حلب فعيِّن فيها مدرساً لمادة التربية الإسلامية في مدارس الدولة. ثم تفرَّغ للعمل الدعوي في المساجد فكان شيخاً وخطيباً ومعلماً وقدوة للشباب وقد كان همُّه الأول رحمه الله تعالى هدايتهم وإرشادهم إلى دينهم فلم يكن له من نفسه حَظّ وكان يتمنى أن يرى الأمة الإسلامية في أحسن حال وكان يتألم كثيراً لانحطاط الأمة وضياعها وتفرق كلمتها. وهو واحد من الدعاة الذين أفنَوْا عمرهم في الدعوة إلى الله تعالى والكتابة لشباب الصحوة الإسلامية وقد ترك العديد من الآثار العلمية والدعوية والتربوية منها: التكافل الاجتماعي في الإسلام، تعدد الزوجات في الإسلام، صلاح الدين الأيوبي، تربية الأولاد في الإسلام-كتاب مشهور في موضوعِه-، إلى كل أب غيور يؤمن بالله، فضائل الصيام وأحكامه، حكم التأمين في الإسلام، أحكام الزكاة، حكم الإسلام في وسائل الإعلام، أخلاقيات الداعية، ثقافة الداعية، دور الشباب في حب رسالة الإسلام، صفات الداعية النفسية... وغيرها من العديد من المؤلفات النافعة بالإضافة إلى المحاضرات والمقالات التي كان ينشرها في المجلات والصحف الإسلامية وقد كان جل مواضيعها الحث على العمل الدعوي والإصلاح والخروج من ظلمات الانحطاط والوهن إلى عزّ الإسلام ونوره.
قال في مقدمة كتابه تربية الأولاد في الإسلام رحمه الله تعالى: (ويوم يقرر المسلمون وعلى رأسهم العلماء ورجال الدعوة إلى الله التخلّص من حب الدنيا والركون إليها والتمتّع بلذائذها ويجعلون هداية الناس، وإصلاح المجتمع، والسعي إلى إقامة حكم الله في الأرض أكبر همهم ومبلغ علمهم وغاية الغايات ومنطلق العزائم والنيات.
ويوم يتحرّرون من الجُبن والخوف وكراهية الموت ويوقنون من قرارة نفوسهم أن الأرزاق بيد الله وأن ما أصابهم لم يكن ليخطئهم وما أخطأهم لم يكن ليصيبه وأن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوهم بشيء لم ينفعوهم إلا بشيء قد كتبه الله عليهم.
يوم يوقن المسلمون بهذا ويتحررون من أسباب الضعف والوهن فعندئذ ينطلقون في ميادين الدعوة إلى الله وفي مجالات التربية والوجيه والإصلاح مبلغين رسالات ربهم لا يخشون أحداً سواه بل واثقين كل الثقة أنه سبحانه سينصُرُهم).
ظلت الدعوة إلى الله ديدن الشيخ وهمَّه حتى آخر عمره وقد أصيب في الستين بمرض في كبده ففتك به، ولكن الشيخ لم يستسلم للمرض بل مضى يؤلف ويكتب وهو على سرير المرض... وكثيراًَ ما كان يخلع ثوب المستشفى ويستبدل له ملابسه العادية وييمم وجهه اتجاه قاعات الجامعة لإلقاء المحاضرات ثم يعود للمستشفى منبر علم للسؤال والاستشارة إلى أن وافاه أجله في الخامس من محرم لعام 1408هـ الموافق له 29 آب 1987م.
يقول فيه الأستاذ الأديب عبد الله الطنطاوي في تقديمه لرسالته النافعة (إلى ورثة الأنبياء):
(إنه-ولا أزكّيه على الله ولا أريد أن أقْصُمَ له ظهره أو عنقه- مثالُ المجاهد المكافح في النصف الثاني من هذا القرن العشرين الذي شهد ويشهد على الحملات على الإسلام ورجاله.. أقول: ورجاله... الرجال الذين صدعوا بالحق، ولم يبالوا بظالم، أو داعر، أو ديّوث خان دينَه وباع أمّته بدنيا سواه وكان حذاءً يحتذيه الملعونون الطغاةُ البُغاة، ثم لا يلبثون أن يخلعوه بعد أن يُفتَضَح أمرُه وتكون شتيمتُه على كل لسان...).
(رحم الله تعالى الشيخ عبد الله ناصح علوان العالم العامل وهيأ للأمة الإسلامية أمثاله وأثابه على كل ما قام به من خدمة لهذا الدين إنه سميع مجيب).
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة