قُربات... قبل رمضان
إنه من كرم الله تعالى على أمة المصطفى حبيبه وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم أنه يفتح دائما وباستمرار وعلى مدار الأيام والشهور والأزمان بفواتح كلها خير ومعها الخير وفى جملتها السعادة والقرب من رب كريم لايرضى لعباده إلا أن يتفضل عليهم دائما بكرمٍ منه وزيادة.. فالحمد لله الذى جعل لنا نفحات نتعرض لها من الجود والمكرمات من رب العطاء والخيرات.
فصلوات خمس على مدار اليوم كفارة لما بينهن.. ونوافل ثنتى عشرة نبنى بها فى الجنة قصرا... وصيام نوافل من الاسبوع تقى حرارة جهنم وظمأها.. وحج ليس له جزاء الا الجنة.. وصيام رمضان شهرا به تكون الرحمة فى أوله ثم المغفرة فى أوسطه ثم جائزة كبرى لايمنحها الا الكريم الجواد جائزة العتق من النيران بخلاف مايكون من عتق كل يوم من أيام رمضان.. ولم لا؟؟؟ وهو الذى خلق فسوى وقدّر فهدى وأعطى ورزق وشرَفنا بأن جعلنا له عِبادا ولجلاله عُبَادا.
(فالحمد لله الذى به وبنعمته تتم الصالحات والذى تفضَل علينا بكثير النفحات)
(اللهم بلغَنا رمضان اللهم بلغَنا رمضان اللهم بلغَنا رمضان)
استعداد يليق بالمقام:
القلب الذى يعرف صاحبهُ اللهَ هو قلبُ يحمل نورا يشع به عليه.
ويدفعه لكل خير وفائدة.. فصلاح قلب العبد يجعل الصلاح العام ثمرة حتمية لسائر جسده، فتتجمل الأخلاق وتنهض السلوكيات فيكون المرء مميزا متميزا.
فتجد مطعمه ومشربه لايأكل ولا يشرب الا الحلال الطيب، ويده لا تمتد الى الرشوة ولا الاختلاس ولا السرقة ولا النهب، لايمانه بأنه من نبت لحمه من حرام فان النار أولى به
فليكن كلنا محاسباً لنفسه نهاية يومه، ولتكن لنا ساعة نحاسب أنفسنا فيها على ما أحسنت فيه طوال يومها وعلى ما فرطت فيه.
فإن وجدناها أحسنت سجدنا لربنا شاكرين، حسنا واحسانا زائدا منه طالبين.
وإن وجدناها قصَرت ً أنبنا لربنا بذل وسؤال، راجين منه عفوا وسماحا، وله مستغفرين منيبين وراجعين.
روى الإمام أحمد في كتاب الزهد عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا، فإنه أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم. وتجهزوا للعرض الأكبر ﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 18].
ونقل ابن القيم عن الحسن أنه قال: (المؤمن قوام على نفسه يحاسب نفسه لله. وإنما خفَ الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا.وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة)..
وقال وهب فيما ذكره الإمام أحمد - رحمه الله -:
(مكتوب في حكمة آل داود: حق على العاقل أن لا يغفل عن أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها مع إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه، وساعة يتخلي فيها بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل، فإن في هذه الساعة عوناً على تلك الساعات وإجماماً للقلوب.
وهناك بعض الثمار العظيمة التي يقطفها المحاسب نفسه منها:
1- التعرف على عيوب النفس مما يساعد في تلافيها.
2- المساعدة على الخوف والمراقبة لله بصدق.
3- الوصول الحي إلى الله بذل وإنكار وانكسار.
4- الفوز بجنات الله.
استعداد بلزوم الاستقامة:
فاستقامة النفس تثمر سمو الروح.
﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ ﴾ [هود: 112]
وقال صلى الله عليه وسلم: قل آمنت بالله ثم استقم. رواه مسلم
استعداد بطهارة القلب:
فلا ينام أحدنا وفي قلبه شىء من بغض أو حقد أو حسد لأحد من إخوانه المسلمين فذلك كفيل بدخول الجنة.. وكلنا يعلم قصة عبد الله بن عمرو بن العاص مع سعد بن أبي وقاص وسبب تبشير النبي محمد - صلى الله عليه وسلم- له بالجنة "... من أنه كان لا ينام وفي قلبه ضغينة على أحد من المسلمين.
استعداد بكتابة الوصيَة:
فلتكن وصيتنا دائماً مدونة ومسجلة بتفاصيل وأخبار دقيقة ولنحرص على تسجيل حقوق العباد فيها من التزامات مالية أو غيرها وكذلك تسجيل حقوقنا لدى العباد ولا ننس أن ندون في وصيتنا أن ندفن مع الصالحين وألا يقام حال وفاتنا ما يغضب الله رب العالمين..
كما يجب أن ندرب زوجاتنا وأبنائنا على مثل ذلك السلوك، ولتكن الوصية في مكان بالدار معروف لأهلنا من الزوجة والأولاد، أو الأم والوالد والأشقاء، ولنحرص على عدم نسيان شىء في الوصية.
استعداد بتذكر الموت:
فنتذكر باستمرار لحظات الاحتضار وخروج الروح إلى بارئها العزيز الغفار.
وأنه قد لايأتى علينا رمضان القادم.
فكثير ممن كنا نحبهم فقدناهم فى رمضان وقبل رمضان.
فلحظات الرحيل عن الدنيا هى لحظات من وقتها يتحدد للمرء المصير إما إلى جنة - لاحرمنا الله والمسلمين منها - أو إلى نار - أعاذنا الله والمسلمين منها -.
استعداد بأخذ العهد:
بأن نتعاهد مع أنفسنا وربنا بأن نبذل فى رمضان - إذا بلغنا ربنا إياه - كل جهد فى الذكر وقراءة القرآن والاحسان وتغيير النفس الى الأحسن مما هى عليه الآن، وتنمية وتطوير العلاقة بيننا وبين ربنا وبيننا وبين رسولنا وحبيبنا وبيننا وبين زوجاتنا وأبنائنا وبيننا وبين الدنيا كلها.
وأن نجتهد فى الدعاء بكل قوة ومن قلوبنا رافعين له أكف الضراعة مستغيثين بقولنا: اللهم يامقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.
استعداد بكثرة الذكر:
فرمضان الخير يتطلب أن نتدرب من الآن على كثرة الذكر وأن نتذّكر دائما أن مَثَل الذى يذكر ربه والذى لايذكر كمثل الحى والميت، وان الذكر يزيل الوحشة بين العبد وربه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن مما تذكرون من جلال الله التسبيح والتهليل والتحميد، يتعاطفن حول العرش لهن دوىٌّ كدوى النحل، يذكرن بصاحبهن، أفلا يحب أحدكم أن يكون له مما يذكر به؟.
وأن الجميل فى الذكر، أن الاكثار منه والدوام عليه ينوب عن التطوعات الكثيرة التى تستغرق الجهد والوقت، وفيها عوض لمن لايستطيع أن يفعل الطاعات بدليل ماجاء فى الحديث الصحيح: ((إن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه فقالوا: يارسول الله ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلا والنعيم المقيم، يصلون كما نصلى، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من اموال يحجون بها ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون)).
قال: ((ألا أحدثكم بأمر إن أخذتم به أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد بعدكم وكنتم خير مَن أنتم بين ظهرانيه إلا من عمل مثله: تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة)
وجدير بالذكر أن ننبه هنا أن ذكر الله ليس مجرد أقوال تقال باللسان وفقط، وإنما هى تفاعلات وأحاسيس وإيقاظ للنفس لتتحرك من حالها الذى هى عليه الى حال أجمل مايكون من الروحانية والشفافية والربانية والفراسة والايمان، بل إن الأمر قد يصل بالذاكرين الله كثيرا الى مرحلة الكرامات من الرب العظيم يعطيها لهم كرما وفضلا منه وتفضلا.
استعداد بالتدرب على التقوى:
استعداد بالتوبة:
هو النبى لا كذب هو ابن عبد المطلب.. هو من غفر الله له من ذنبه ماتقدم وما تأخر ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 13
يَا اللَّهُ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ ولَا فِي السَّمَاءِ، وكَيْفَ يَخْفَى عَلَيْكَ يَا إِلَهِي مَا أَنْتَ خَلَقْتَهُ، وكَيْفَ لَا تُحْصِي مَا أَنْتَ صَنَعْتَهُ، أَوْ كَيْفَ يَغِيبُ عَنْكَ مَا أَنْتَ تُدَبِّرُهُ، أَوْ كَيْفَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَهْرُبَ مِنْكَ مَنْ لَا حَيَاةَ لَهُ إِلَّا بِرِزْقِكَ، أَوْ كَيْفَ يَنْجُو مِنْكَ مَنْ لَا مَذْهَبَ لَهُ فِي غيْرِ مُلْكِكَ. سُبْحَانَكَ أخْشَى خَلْقِكَ لَكَ أَعْلَمُهُمْ بِكَ، وأَخْضَعُهُمْ لَكَ أَعْمَلُهُمْ بِطَاعَتِكَ، وأَهْوَنُهُمْ عَلَيْكَ مَنْ أَنْتَ تَرْزُقُهُ وهُوَ يَعْبُدُ غَيْرَكَ سُبْحَانَكَ لَا يَنْقُصُ سُلْطَانَكَ مَنْ أَشْرَكَ بِكَ، وكَذَّبَ رُسُلَكَ، ولَيْسَ يَسْتَطِيعُ مَنْ كَرِهَ قَضَاءَكَ أَنْ يَرُدَّ أَمْرَكَ، ولَا يَمْتَنِعُ مِنْكَ مَنْ كَذَّبَ بِقُدْرَتِكَ، ولَا يَفُوتُكَ مَنْ عَبَدَ غَيْرَكَ، ولَا يُعَمَّرُ فِي الدُّنْيَا مَنْ كَرِهَ لِقَاءَكَ
سُبْحَانَكَ مَا أَعْظَمَ شَأْنَكَ، وأَقْهَرَ سُلْطَانَكَ، وأَشَدَّ قُوَّتَكَ، وأَنْفَذَ أَمْرَكَ سُبْحَانَكَ قَضَيْتَ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِكَ الْمَوْتَ مَنْ وَحَّدَكَ ومَنْ كَفَرَ بِكَ، وكُلٌّ ذَائِقُ الْمَوْتِ، وكُلٌّ صَائِرٌ إِلَيْكَ، فَتَبَارَكْتَ وتَعَالَيْتَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ. آمَنْاُ بِكَ، وصَدَّقْناُ رُسُلَكَ، وقَبِلْناُ كِتَابَكَ، وكَفَرْناُ بِكُلِّ مَعْبُودٍ غَيْرِكَ، وبَرِئْناُ مِمَّنْ عَبَدَ سِوَاكَ اللَّهُمَّ إِنِّا أُصْبِحُنا وأُمْسِينا مُسْتَقِلًّين لِعَمَلِنا، مُعْتَرِفين بِذَنْوبنا، مُقِرّين ً بِخَطَايَاناَ، نجن َبِإِسْرَافِنا عَلَى أنَفْسِنا أذلاءٌ، عَمَلِنا أَهْلَكَنِا، وهَوَاناَ أَرْدَانِا، وشَهَوَاتِنا حَرَمَتْنِا. فَنَسْأَلُكَ يَا مَوْلَاناَ سُؤَالَ مَنْ نَفْسُهُ لَاهِيَةٌ لِطُولِ أَمَلِهِ، وبَدَنُهُ غَافِلٌ لِسُكُونِ عُرُوقِهِ، وقَلْبُهُ مَفْتُونٌ بِكَثْرَةِ النِّعَمِ عَلَيْهِ، وفِكْرُهُ قَلِيلٌ لِمَا هُوَ صَائِرٌ إِلَيْهِ. سُؤَالَ مَنْ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْأَمَلُ، وفَتَنَهُ الْهَوَى، واسْتَمْكَنَتْ مِنْهُ الدُّنْيَا، وأَظَلَّهُ الْأَجَلُ، سُؤَالَ مَنِ اسْتَكْثَرَ ذُنُوبَهُ، واعْتَرَفَ بِخَطِيئَتِهِ، سُؤَالَ مَنْ لَا رَبَّ لَهُ غَيْرُكَ، ولَا وَلِيَّ لَهُ دُونَكَ، ولَا مُنْقِذَ لَهُ مِنْكَ، ولَا مَلْجَأَ لَهُ مِنْكَ، إِلَّا إِلَيْكَ
إِلَهِنا نَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ الْوَاجِبِ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِكَ، وبِاسْمِكَ الْعَظِيمِ الَّذِي أَمَرْتَ رَسُولَكَ أَنْ يُسَبِّحَكَ بِهِ، وبِجَلَالِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ، الَّذِي لَا يَبْلَى ولَا يَتَغَيَّرُ، ولَا يَحُولُ ولَا يَفْنَى، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وصحبه ٍ، وأن تبلغنا وأهلينا وذوينا والمسلمين رمضان بصحة وعافية وايمان واسلام وخير وأمن وأمان يفيض علينا وعلى الأوطان وكل البلدان يارب ياكريم يارحمن.
وَ أَنْ تُغْنِيَنِا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ بِعِبَادَتِكَ، وأَنْ تُسَلِّيَ نَفْوسنا عَنِ الدُّنْيَا بِمَخَافَتِكَ، وأَنْ تُثْنِيَنِا بِالْكَثِيرِ مِنْ كَرَامَتِكَ بِرَحْمَتِكَ. فَإِلَيْكَ نفِرُّ، و مِنْكَ نَخَافُ، وبِكَ نَسْتَغِيثُ، وإِيَّاكَ نَرْجُو، ولَكَ نَدْعُو، وإِلَيْكَ نَلْجَأُ، وبِكَ نَثِقُ، وإِيَّاكَ نسْتَعِينُ، وبِكَ نُومِنُ، وعَلَيْكَ نَتَوَكَّلُ، وعَلَى جُودِكَ وكَرَمِكَ نَتَّكِلُ.
(وكل رمضان والمسلمين وكل البلدان والأوطان بخير وأمن وأمان )
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
أثر تغيير الأسماء والمفاهيم.. في فساد الدنيا والدين!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!