الرجل قوي وصاحب نخوة
"الشجاعة" و"الجرأة" من صفات الرجولة المهمة، وهما تحتاجان إلى بنية قوية وجسم صلب، والدنيا تحتاج إلى البأس، والضعيف يعتدي عليه الأشرار، وقد يُؤذونه أذًى حقيقيًّا، وقد يعتدون على زوجه أو ولده، وأسمع زوجات يشتكين من جبن أزواجهنَّ، ويَفتقدن الأمان إذا خرجْنَ بصحبتهم (لخوَرِهم وضعفهم)، شعور بغيض، وعلى كل شاب أن يكون قادرًا على الدفاع عن حُرُماته بكفاءة وقوة، وضَرب المعتدي عندما يحتاج الوضع، أو على الأقل دفع العدوان والخروج سالمًا.
ولكي يغدو ولدُكِ قويًّا عوِّديه على ممارسة الرياضة منذ الصغر:
• مثل التمرينات السويدية الخفيفة التي تنشِّط الجسم، وذكِّريه بها كل صباح فهي تبعث النشاط، وآثارها على المدى الطويل جيدة في تقوية العضلات
• الحديقة أفضل مكان لممارسة النشاط، فإن لم تتوفر اتركيه على حريته في البيت ليَقفز ويلعب ويجري، واكتفي بإبعاد ما يؤذيه، ولاعبِيه أنت وتسابقي معه، وخذيه في نزهات خلوية وشجعيه على تسلق الأشجار والجبال.
• وحين يكبر قليلاً سجِّليه بنادٍ رياضي ليمارس السباحة باستمرار، أو يتعلم التنس أو كرة القدم أو أي شيء يحبه، ومعسكرات الصيف والكشافة جيدة أيضًا، وإذا توفر له من يعلمه فنون القتال (الجيدو، الكراتيه) فبها ونعمتْ.
• وفي سنته الأولى بالمدرسة سوف يأتيك ولدك باكيًا شاكيًا من زملائه المعتدين الذين يَتَسَلَّوْنَ بدفعه، أو يُزاحمونه (وهو واقف في الصف ينتظر دوره إلى المقصف)، أو يخطفون كتبه وأقلامه ويهرُبون بها، حين يأتيك ابنك بتلك الشكاوى لا تَطلبي منه أن يكون سمحًا! فقد جرَّبت هذه الطريقة ولم تنفع (ومدارس الصبيان كلها سواء "تحكمها شريعة الغاب")؛ فالمعلمون ساهون لاهون عن التلاميذ، وأكثرهم يعامل الصغار بقسوة؛ (لأن المدير حسم من معاشهم، أو وجَّههم لأمر لم يعجبهم)، والحل الوحيد أن يدافع الابن عن نفسه بنفسه؛ ليُرهب الأولاد فيبتعدوا عن إيذائه ويخافوا منه، فإن هابوه أمكَنَه ساعتها أن يعفو أو يتغاضى.
ونصل للضرب: حين دخل أولادي المدرسة وجاؤوا يُحدثونني عن ضرب الطلاب بعضهم بعضًا، حذرتُهم من المشاركة ونهيتهم عن هذا الأسلوب، ولكن الصبيان أبوا مسالمتهم؛ وصاروا يضربونهم ويَسْخرون منهم، واعتبروا تمنُّعَهم لضعف فيهم وعجز عن الرد بالمثل، وشكا أولادي إلى الأساتذة فلم يُلقوا لهم بالاً وتركوهم يتعرَّضون لعنف التلاميذ، حتى جاء يوم كُسرت فيه نظارة أحدهم وتخدَّش وجه الآخر، فاضطررت إلى تغيير مساري وتعليم أولادي فنون الدفاع عن النفس، وحثثتُهم على استخدامها تجاه أي صبي (عدواني المزاج يتهجم عليهم)، وأمرتُ أولادي باستعادة حقهم وضرب كل مَن يَضربهم في سبيل استرجاع هيبتهم
وأنصحكِ بتربية ابنك على الخلُق، ونبذ العدوانية، والابتعاد عن الشجار أو افتعال المشكلات، ولكن - وتحسبًا للظروف - علِّميه كيفية الدفاع عن النفس وكيفية الضرب (من غير أن يؤذي نفسه) فيجمع قبضة يده بسُرعة ثم يضرب بها بطن المعتدي بقوة، أو يدوس على قدمه بطريقة مؤلمة.
علِّميه كل شيء، فإذا بادروه بالإيذاء استطاع النجاة منهم، ويبدأ أولاً بتحذير المعتدين وإنذارهم من بطشه، ويصبر عليهم ثلاثًا، فإن لم يَرتدعوا وعادوا لِما نُهُوا عنه فليَرُدَّ لهم الصاع صاعين؛ ليهابوه ويبتعدوا عن إيذائه.
• واهتمي أخيرًا بالغذاء الجيد المتكامل، والحليب والفيتامينات؛ فإنها تساهم في تقوية عضلات الأبناء، وتنمية أجسامهم.
والرجل صاحب نخوة ومروءة وشهامة:
وكلها من صفات العربي الأصيل، وهي دليل النُّبل والسمو، والرجل يبادر لإنقاذ طفل، أو الدفاع عن امرأة، أو مساعدة المُسنِّ وذي العاهة، ويفرِّج كرب المكروبين، ومن الضروري حث الصغير على إغاثة ذي الحاجة الملهوف، ومساعدة الضعيف، شرط أن يُنزل الناس منازلهم، ويعرف معادنهم ولا يُخدع، فيتصدق - مثلاً - على غني أو على سارق أو على زانية (كما جاء في الحديث)، فعرفيه طبيعة البشر، وفطنيه لحيل "الشحاذين" وأساليبهم.
والرجل مطيع لوالديه، ويَخفض لهما جناح الذل من الرحمة، والبِرُّ من أعظم المروءة؛ فالوالدان مقدَّمان عن كل البشر، والإحسان إليهما من المسلَّمات، ومن أول وأفضل الأعمال.
وتتكون هذه الفضائل بتقوية الحسِّ السليم وإيقاظ العواطف الإنسانية، وإليك الطريقة:
أولاً: عن طريق التلقين: "الصغير يحترم الكبير، والكبير يعطف على الصغير، ويزور الأرحام، ويسأل عنهم ويؤانسهم، ويبرهم ويطيعهم ويخدمهم"، واختاري الوقت المناسب للتوجيه، وتجنَّبي "المواعظ" والصغيرُ نعسان أو ضجِر أو غضبان أو جوعان أو حَزْنان.
ثانيًا: عن طريق القصة: "وما أكثرَ القصصَ التي سمعناها - ونحن صغار - والتي تحث المبصر على مساعدة الأعمى، وتنبِّه الصغير لإمساك يد العاجز ليعبر الطريق!"
ثالثًا: عن طريق القدوة: "وإذا احترم الوالدان والديهما، وعاملاهما بتقدير وامتنان، تعلَّم الصغير ذلك"
رابعًا: عن طريق التنبيه خلال المواقف اليومية؛ ولا تتركي أي خطأ يمر بلا تصويب، مثلاً: إذا ولَدتْ عمَّتُه، اتصلي بها وباركي لها ثم أعطي ابنك السماعة ليُبارك لها بنفسه، وإذا دخلتما على جدته ولم يسلم عليها ذكِّريه أو انكزيه بيدك ليتذكر فيقبِّل يدها، وإذا دخلت خالته ولا مكان لها، فقولي له: "يا بنيَّ، قم وأعطي مكانك لخالتك"، وإذا كلَّمه والده والتفت عنه، قولي له: "انظر إلى والدك، وأنصت لكلامه، ولا تلتفت حتى ينتهي"، ولا تتركي أي سلوك خاطئ يمر بلا تصويب.
خامسًا: عن طريق الرحمة والإنسانية والتعاطف مع الناس، ونبذ الأنانية: "أحب لأخيك ما تحب لنفسك"، مثلاً: اطلبي من ابنك التوقُّف عن أي إيذاء فورًا، ولا تسمَحي له بالإضرار بالنبات أو الحيوان، وحرِّكي مشاعره ليُشفق على أخيه الإنسان ويراعي المشاعر، ويتعاطَف مع الضعيف والمظلوم خاصة، وعوِّدي ابنك المشاركة مع الناس، وعدم الاستئثار بالطعام أو الألعاب من دون الباقين
سادسًا: عن طريق العطف على الصغار، والشفقة عليهم لضَعفِهم وعجزهم، وصحيح أن الأطفال مُتعبون ومزعجون وكثيرو الكلام وسريعو الإفساد، ولكنهم بريئون، والكبير يتغاضَى عنهم ويَحتملهم.
وادفعي ابنك ليدافع عن حقوق التلاميذ، والصغار يُظلمون في المدارس ويدفعهم الكبار ويأخذون دورهم في المقصف، وقد يَخطفون طعامهم وقد يضربونهم ويسخرون منهم، وإليك ما فعله ابني "سنان"؛ لما وصَل للصفِّ الخامس جمع أربعة طلاب من صفِّه، وأنشأ جمعية للدفاع عن المظلومين، وصار يقضي الفرصة (الفسحة بين الدروس) بملاحقة المعتدين وكفِّ أذاهم عن الصغار، واكتسب شعبية بين التلاميذ، وازدادت أعداد مُناصريه، وشكر له الآباء والأساتذة صنيعَه، فسعد "سنان" وارتفعت معنوياته، وشعرت أنا بالفخر من سلوكه.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة