أطفال الفصحى والقراءة
أثبتَت نظريَّة أستاذنا الكبير د. عبدالله الدنَّان (اكتساب العربيَّة بالفطرة والممارسة) نجاعتها في الارتقاء بأبنائنا وطلاَّبنا، وأثمرَت ثمرات يانعات، من أهمِّها:
♦ قدرةُ الأطفال الفصحاء على التعبير عن أنفسهم بلسانٍ فصيح، وبيانٍ سليم دقيق
♦ وتعلُّقُ الأطفال الفصحاء بالكتاب وإقبالُهم على المطالعة، على نحوٍ لا يُرى عند أترابهم ممَّن لم يحظَوا بشرف اكتساب الفصحى سجيَّةً وفطرة.
ولدى أستاذنا الدنَّان أدلَّةٌ كثيرة من واقع تطبيقه لنظريَّته في روضته، على صدق ما ذكرت..
ولديَّ، ولدى عددٍ من كرام إخواني - ممَّن طبَّقوا نظريَّته على أطفالهم - مواقفُ ما أكثرَها، وبيِّناتٌ ما أجلَّها..
إن جميع الأطفال الذين نُشِّئوا على الفصحى - على عيني - امتازوا بعشقٍ عجيب للكتاب، وقراءةٍ سريعة للقصص، مع فهم سديد متَّسق مع القراءة!
ومن أشهر هؤلاء - أبطال الفصحى - من القرَّاء النهمين:
• ولدي أحمد.
• وبنات أخي الأديب أبي زاهر د. أحمد صوَّان: غيداء، وأمل، وبشرى.
• وولدا أخي الإعلامي أبي بكر أ. مروان خالد: آمنة، وبكر.
• وولدا أخي الباحث أبي البراء هيثم بهاء الدين: البراء، وأُسَيد.
سلَّمهم ربِّي جميعًا، وجعلهم من سعداء الدارَين.
ومن أبطال الفصحى المتأخِّرين اللامعين ابن أختي: (عمر القلاَّ)، وهو طالبٌ في الصفِّ الرابع الابتدائيِّ.
أثمر اهتمامُ والدَيه به، وبخاصَّة عناية والده بإكسابه العربيَّة الشريفة: أن غَدا طفلاً فصيحَ اللسان، ذكيَّ الجَنان، وقارئًا نهمًا على نحو عجيب غريب!
يقرأ عمر أيَّ قصَّة بسرعة لا تصدَّق، تجعلك تشكُّ في أنه قرأها حقًّا، أو فهم ما قرأه..
ولكن إن سألتَه عمَّا قرأ فاجأك بسردٍ للقصَّة بحذافيرها، وكأنها نُقشت في صدره نقشًا!
بل قد يسأل ويستفسر ويُدير حوارات بشأن أحداثها.. ودَع عنك آراءه النقديةَّ الحصيفة، وتقويمَه للقصص بذكاء لمَّاح، يأسر سامعَه!
قبل أشهر سعدتُّ بمجالسته ومحاورته بعد غياب ثلاث سنين تقريبًا، زرتُه في الجزائر حيثُ ألقت أسرتُه عصا اللجوء ككثير من أبناء الشام الذين اضطرَّتهم يدُ الإجرام الآثمة إلى النزوح والتغرُّب هنا وهناك!
قدَّمتُ لعمرَ مجموعةً من القصص المشوِّقة (الألغاز البوليسيَّة)، كلُّ قصَّة في حدود 60- 70 صفحة..
ففوجئتُ به أنه لم يقرأها!
أجل لم يقرأها!
ولكنَّه التهمَها التهامًا!
التهمَها جميعًا في يومين، وشرَعَ فيها كرَّةً أخرى في اليوم الثالث!
وحين علم أنني سأزورُ معرِضَ الكتاب بالجزائر تعلَّق بي، وألحَّ إلحاحًا أن يكونَ رفيقيَ في الزِّيارة!
وهذا ما كان!
لم أندَم على اصطحابه معي؛ على كثرة ما أعياني وأرَّقني طَوالَ الزِّيارة!!
لأن لتعبه لذَّةً لا تعدلها لذَّةٌ في الدنيا!
كان في المعرِض كالنسر الكاسر، ما إن يُبصر قصَّةً من مكان بعيد حتى يطيرَ إليها وينقضَّ عليها انقضاضًا
وصار من دأبي في المعرِض الركضُ خلفَه، والبحثُ عنه، لا أكاد أجدُه في بطون القصص حتى أفقدَه من جديد بين صفَحاته
كان إذا أمسك القصَّة نسيَ الدنيا وما فيها، واستغرقَ بالقراءة استغراقًا لم أشهد له مثيلاً!
تارةً أراه منبطحًا على بطنه فوق طاولة إحدى دُور النشر،
وتارةً جاثيًا بين أرجُل الزوَّار،
ومرَّة مستندًا إلى جدار..
كلُّ ذلك وهو ناءٍ عن عالمنا، متبتِّلٌ في محراب عالمه الخاصِّ الممتع عالم القراءة!
وفَّق الله عمر وأبناء جيله للعودة بأمَّة (اقرأ) إلى سابق عهدها وتليد مجدها..
حفظهم الله وسلَّمهم، وأقرَّ عيوننا بصلاحهم وفلاحهم.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة