لمنتسبون للصلاح.. وأزمة الأخلاق
في كثير من المواقف الحياتية يتجلى جانب القيم والأخلاق ليطغى على كل جوانب الحياة، ومهما تعددت الاتجاهات واختلفت المشارب إلا أن العقلاء قاطبة في كل الديانات والمذاهب يؤكدون على أهمية جانب الخُلُق والقيم الإنسانية التي أكدها ديننا الحنيف، ولا زال الحكماء وأرباب العلوم يؤكدون أن الإنسان مهما علا شأنه وارتقى في مدارج الكمال يظل ناقصاً خديجاً ما لم يزيّن نفسه بالأخلاق والسماحة ولين الجانب والبشاشة وحسن التعامل وخاصة مع المخطئ أياً كان..
في بدايات شبابي واستقامتي كنت أظن أن كل حليق للحيته بعيدٌ عن الله، عاصٍ، يجب أن لا أبتسم في وجهه ولا أتعامل معه إلا للحاجة والضرورة!
هكذا كنت أفهم وأتصور، إلا أنني كنت أتعامل مع محل للحاسوب يعمل فيه شاب يقوم بنسخ النصوص وإدخالها على الحاسب يوم كانت الحواسيب تُعَدّ على أصابع اليد في الحـيّ الواحد، فكان هذا الشاب على قدر عالٍ جداً من الخلق الحسن والتلطف والسماحة وخفة الظل، لم أره يوماً مقطباً جبينه، أو متلفظاً بقاسي الألفاظ، بل كان مبتسماً متلطفاً مع الجميع بطريقة تدعوك للإعجاب به، رغم كثرة الزبائن وطلبات المرتادين لذلك المحل.
وفي المقابل كنت أعرف من يتحدث عن الإسلام من الرجال والنساء ويحاضر عنه ويتكلّم بمواضيع الدعوة والتزكية، إلا أن أخلاقه -أو أخلاقها -تُنبيك عن إنسان أناني يسيء الظن في الآخرين، ويتعامل مع الناس بفوقية وكأنه المتفضل عليهم بالوجود!! فكان ذاك الشاب حليق اللحية أحب وأقرب إلى قلبي من ذلك الداعية!!
ومنذ ذلك الوقت -ولا زلت -أتساءل: هل يعيش المنتسبون للصلاح أزمة أخلاق؟! وحاشا أن أعمِّم، ولكنها مشكلة تحتاج إلى الْتفاتة جادّة، وخاصة ممن يتصدى للدعوة والإمامة وخدمة المجتمع.
فالأخلاق الأخلاق أيها المصلحون، وتذكروا قول المصطفى (صلى الله عليه وسلم): «إنكم لا تسعون الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسطُ الوجه وحُسْنُ الخلق» (رواه البيهقي في شُعَب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه).
.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة