وقفة مع العيد
كتب بواسطة بقلم: د مأمون جرار
التاريخ:
فى : المقالات العامة
653 مشاهدة
لكل أمة من الأمم مناسبات تحتفل بها احتفالاً عاماً، تظهر فيها أفراحها وتخرج فيها عن مألوف حياة، وتسمّى تلك المناسبات أعياداً، وقد يرتبط بعضها بمناسبة دينية أو وطنية أو قومية .
ولم تخرج أمتنا عن هذا المألوف لدى الشعوب فكان لنا عيدان ارتبطا بمناسبتين دينيتين: عيد الفطر بعد شهر رمضان، وعيد الأضحى في الحج.
وإن إتمام المسلم عبادة عظيمة هي الصيام لأمر يدعو إلى السرور، ويستحق الاحتفال، ولذلك كان من أسماء يوم عيد الفطر أنه يوم الجائزة، لأنه اليوم الذي يعقب تمام عدة الشهر، ويوم تكبير الله تعالى إقراراً بنعمة الهداية علينا
وإن ارتباط العيد بعبادة الصيام يقتضي أن يكون حال المسلم فيه متفقاً مع حاله في شهر رمضان، و لا يتصور عاقل أن يعقب الصيام الذي هو عبادة وقوعٌ في المعاصي ونكوصٌ عن الطاعة، وذلك مع الأسف ما نراه من بعض شرائح مجتمعنا حيث يكون يومُ العيد يومَ انفلات من الطاعة ووقوع في المعصية، بل إننا نجد من المفسدين في الأرض، تجار الشهوات إعداداً لبرامج وأنشطة يروّجون لها في العيد بل في شهر رمضان تنقض أجر الصيام وتنقل المسلم من جوّ الإيمان والهُدى والاستقامة إلى جو اللهو غير المباح والشهوات الحيوانية.
وقُل مثل ذلك في عيد الأضحى، ولئن كان الحج مقصوراً على مَن أكرمهم الله تعالى بالحج إلى الديار المقدسة وأداء الشعائر، فإن غير الحجاج من المسلمين يشاركونهم ما هم فيه من طاعة بعبادة الصيام في عشر ذي الحِجّة ولا سيما في يوم عرفة .
وهناك عبادة الأضحية التي تقدَّم في يوم عيد الأضحى وأيام التشريق التي تتلوه، ولذلك كان يومُ الأضحى يومَ عيد لأنه تجتمع فيه عبادات منها ما يخصّ الحجاج، ومنها ما يعمّ المسلمين في الأرض كلها، فكان يوم الأضحى يوم فرح وسرور واستجابة لأمر الله تعالى:
(فَصَلِّ لربِّك وانْحَر).
ومن الملاحظ في زماننا الذي يعاني فيه المسلمون في كثير من البلاد من الاحتلال أو الأذى أو التضييق، أن بعض المسلمين قد يمتنعون عن إبداء الفرح في العيدَيْن بدعوى التعاطف مع ما يصيب المسلمين من البلاء، وقد يمتنع بعضهم عن تقديم الحلويات أو تناولها، أو ارتداء الملابس الجديدة، مع أنه يفعل ذلك في سواهما من الأيام، ولهؤلاء أقول ما قاله الله تعالى: (قُل بِفَضْلِ الله وبِرَحْمتِه فبذلك فَلْيَفْرَحُوا).
فلنجعل العيد محطة تجديد للعزائم تنفض عن النفوس ما ران عليها من حزن أو ألم، وتقبل على الحياة بروح الأمل أن يكون غدُنا خيراً مِن يومنا، وأن تتغير أحوالنا إلى ما يحب ويرضاه الله تعالى لنا من العزة والنصر وعلو الكلمة
والحياة لا تمضي على وتيرة واحدة، بل هي أيام يداولها الله تعالى بين الناس، ونحن فيها مبتَلَوْن بالأحوال كلها خيراً وشراً، ضعفاً وقوّة، والفائز من نال رضوان الله تعالى، وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين.
ولنا من تاريخنا العبرة البالغة فقد مرّت بأمّتنا مِحَن شديدة بالغزو الفِرِنجي الذي دام قريباً من مئتَيْ سنة ثم مضى، وبالغزو المغولي الذي جاء في ثلاث موجات دمّرت معالم الحضارة في مساحة كبيرة من بلاد الإسلام، ثم استعدنا عافيتنا، وتجددت حياتنا لتمضي هذه الأمة الشاهدة على الأمم في تبليغ ما حَمَلته من نبيِّها عليه وآله الصلاة والسلام من رسالة الله تعالى.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة