لَيَتِمَنَّ هذا الأمر.. ولكنكم تستعجلون!
أمتـي هل لك بيـن الأمـم *** منبر للسيف أو للقلـــمْ؟
أتلقـاك وطَرْفـي مُطـرِقٌ *** خجلاً من أمسِكِ المُنصـرمْ
أين دنيـاك التي أوحَتْ إلى *** وتـرَىْ كـلِّ يتيـمٍ النغَـمْ؟
كم تخطيتِ علـى أصدائـه *** ملعب الـعِزّ ومغنى الشَّمَـمْ
وتـهاديتِ كأنـي ساحـب *** مئزري فـوق جباه الأنجـمِ
أمتي كـم غصـة داميـة *** خنقَتْ نجوى عُلاك في فمي!!
كيف أغضيتِ على الذل ولم *** ولم تنفضي عنكِ غبار التُّهمِ
أَوَما كنتِ إذا البغي اعتدى *** موجـةً مـن لهـبٍ أو دَمِ؟
يقولون: إن الأمة بخير! وأنا أتساءل.. هل ما نحن فيه يدل على ذلك؟! الدماء التي أريقت وما زالت تراق.. والأراضي التي اغتُصبت.. والمقدّسات التي دُنّست.. والشعوب التي هُجّرت.. والبيوت التي فوق رؤوس ساكنيها هُدّمت.. والظلم الذي تفشى.. والحقوق التي ضاعت.. والأعراض التي هتكت، وكم من مسلمة تستصرخ ولكن..
رب وامعتصماه انطلقت *** ملء أفواه السبايا اليُتَّـمِ
لامسَتْ أسماعهم لكنها *** لم تلامس نخوةَ المعتصمِ
ربما يقول قائل: لماذا أنت متشائمة؟ تفاءلي وكوني إيجابية. وأنا أقول: وهل الإيجابية أن أُعمي بصري عن الواقع المؤلم الذي نعيش، وألا يعتصر قلبي الألم على حال أمتي وإخواني؟ هل الإيجابية أن أعيش في الأماني والأوهام والأحلام التي ليس لها على الأرض أقدام ولا آثار.. أن أكون ساذجة عبيطة؟!
هل الإيجابية أن أنظر إلى نصف الكوب المليء لا الفارغ –كما يقولون في المثال الذي مجّته الآذان من كثرة التكرار- دون أن أعمل على ملء النصف الفارغ إن كان باستطاعتي؟
ينبغي أن نكون واقعيين، ولكن أن نعمل بكل ما أوتينا من أسباب على تغيير هذا الواقع، أن نفر من قدر الله إلى قدر الله، وهذا يقتضي الوقوف على ما تعانيه الأمة من علل وأمراض تنخر في صفوفها وفي بنية الفرد فيها، وهذه أول خطوة في العلاج: معرفة نقاط الضعف والخلل ومكمن المرض.
ذكر الإمام حسن البنا –رحمه الله- في الرسائل: ((ليس يعلم أحد إلا الله كم من الليالي كنا نقضيها نستعرض حال الأمة وما وصلت إليه في مختلف مظاهر حياتها، ونحلل ونعلل الأدواء، ونفكر بالعلاج وحسم الداء، ويفيض بنا التأثر لما وصلنا إليه إلى حد البكاء)).
أنا واثقة من أن الغلبة لهذا الدين، كما قال ربنا سبحانه، وبشر رسولنا –صلى الله عليه وسلم-: "والله ليتمن هذا الأمر... ولكنكم تستعجلون"[رواه البخاري]، وقال: "ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل الله به الكفر"[رواه الإمام أحمد في المسند]، وفي رواية أخرى: "لايبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلا أدخل الله عليه الإسلام، إما بعز عزيز أو بذل ذليل، إما يعزهم فيجعلهم الله من أهل الإسلام فيعزوا به، وإما يذلهم فيدينون له"[حسن، ابن عساكر-معجم الشيوخ:2/806].
ولولا هذه البشارات لما ظننا أن بعد هذه الظلمات من نور، ولا بعد هذا الليل من نهار.. ولكنكم تستعجلون، فالنصر والعودة إلى الأفق السامق يحتاج إلى تضحيات وصقل وتمحيص، وخطط وبرامج إعدادية مدروسة، حتى يخرج من صلب هذه الأمة من يجعل الله النصر على يديه، وكما ذكر الشيخ علي الطنطاوي –يرحمه الله-: ((إن الأمة الخاملة صفٌّ من الأصفار، لكن إن بعث الله لها مؤمناً صادق الإيمان داعياً إلى الله، صار صفُّ الأصفار مع الواحد مائة مليون، والتاريخ مليء بالشواهد على ما أقول)).
قد يطول هذا أو قد يقصر...
لكننا رغم هذا الذل نعلنهــا *** فليسمع الكون وليُصغِ لنا البشرُ
إن طال ليل الأسى واحتد صارمه *** وأرَّقَ الأمة المجروحة السهرُ
فالفجر آتٍ وشمس العـز مشرقة *** عما قريبٍ وليل الذل مندحرُ
سنستعيد حيـاة العـز ثانيةً *** وسوف نغلب من حادوا ومن كفروا
وسوف نبني قصور المجد عاليةً *** قوامـها السنة الغـراء والسورُ
وسوف نفخر بالقرآن في زمـنٍ *** شعوبه في الخنـا والفسق تفتخرُ
وسوف نرسم للإسلام خارطـةً *** حدودها العـز والتمكين والظفرُ
بصحوةٍ ألبس القرآن فتيتهــا *** ثوب الشجاعةِ لا جبنٌ ولا خورُ
يرددون وفـي ألفاظهـم همـمٌ *** ويهتفـون وفي أقوالهـم عبـرُ
من كان يفخـر أن الغرب قدوتهُ *** فنحن قدوتنــا عثمان أو عمرُ
أو كان يفخـر بالألحان يُنشدهـا *** فنحن ألحاننـا الأنفـالُ والزمرُ
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة