من أسباب تأخر النصر...
البنية الإنسانية لا تستيقظ كل الطاقات المذخورة فيها كما تستيقظ وهى تواجه الخطر، وهى تدفع وتدافع، وهى تستجمع كل قوتها لتواجه القوة المهاجمة. عندئذ تتحفز كل خلية بكل ما أودع فيها من استعداد لتؤدى دورها، ولتتساند مع الخلايا الأخرى فى العلميات المشتركة، ولتؤتي أقصى ما تملكه وتبذل آخر ما تنطوي عليه، وتصل إلى أكمل ما هو مقدور لها وما هي مهيأة له من الكمال .
والنصر السريع الذى لا يكلف عناء، والذى يتنزل هيناً ليناً على القاعدين المستريحين، يعطل تلك الطاقات عن الظهور، لأنه لا يحفزها ولا يدعوها. وذلك فوق أن النصر السريع الهين اللين سهل فقدانه وضياعه .
قد يبطئ النصر لأن بنية الأمة لم تنضج بعد نضجها، ولم يتم بعد تمامها، ولم تحشد بعد طاقاتها، ولم تتحفز كل خلية وتتجمع لتعرف أقصى المذخور فيها من قوى واستعدادات. فلو نالت النصر حينئذ لفقدته وشيكاً لعدم قدرتها على حمايته طويلاً !
قد يُبطئ النصر حتى تبذل الأمة المؤمنة آخر ما في طوقها من قوة، وآخر ما تملكه من رصيد .
قد يبطئ النصر حتى تجرب الأمة آخر قواها، فتدرك أن هذه القوى وحدها بدون سند من الله لا تكفل النصر. إنما يتنزل النصر من عند الله عندما تبذل آخر ما في طوقها ثم تكل الأمر بعدها إلى الله .
قد يبطئ النصر لتزيد الأمة صلتها بالله، وهي تعاني وتتألم وتبذل؛ ولا تجد لها سنداً إلا الله، ولا متوجهاً إلا إليه وحده في الضراء. وهذه الصلة هي الضمانة الأولى لاستقامتها على النهج بعد النصر عندما يتأذن به الله. فلا تطغى ولا تنحرف عن الحق والعدل والخير الذي نصرها به الله.
قد يبطئ النصر لأن الأمة لم تتجرد بعد في كفاحها وبذلها وتضحياتها لله ولدعوته فهي تكافح لمغنم تحققه، أو حمية لذاتها، أو تقاتل شجاعة أمام خصومها. والله يريد أن يكون الجهاد له وحده وفي سبيله، بريئاً من المشاعر الأخرى التي تلابسه.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة