الثورات ووحدة الثوار
قضية الأخلاق في تاريخ الثورات من أهم قضاياها وأخطرها! وهي لا تقل أهمية وخطورة عما يسمى فلسفة الثورة التي تعبّر عن هُويّتها وقِيَمها أو بتعبير آخر: عن قوّتها الثقافية الموجِّهة لها. ولقد سبق - في العدد 176 - تسليطُ الضوء على هذا الموضوع المهمّ في مقالة (الثورة... فِعْلٌ وأخلاق) .
والجديد الذي نريد التركيز عليه في هذا العدد مسألتان:
أولاهما هي أنه بقدر ما يجب أن يكون المخزون الثقافي الإسلامي هو الموجِّه لقِيَم وشعارات الثورات في عالمنا العربي التي انطلقت قبل حوالَيْ (20) شهراً ابتداءً من تونس ثم امتدّ شَرَرُها إلى أربعة بلدان أخرى، مثل قِيَم الحريّة، الكرامة، العدل... إلا أن (أخلاق) الثورة هي الضمان لنجاحها واقتناع الناس بها وإثبات عدالتها... بل تكون بمثابة (النور) الجاذب للأنظار إلى قِيَمها الثقافية وأبعادها الفكرية وقانونها التشريعي الذي تدعو إلى تطبيقه والاحتكام إليه... وحينئذ سوف لن يقتصر دور الجماهير على المساندة والمناصرة وبذل التضحيات لتحقيق (أهداف) الثورة بل ستتّجه إلى تبنِّي القوة الدافعة الفكرية للثورة التي تتمثل في ثقافتنا الإسلامية: بالإيمان وحقائق الإسلام وصياغاته الفكرية والحضارية والتشريعية.
وثانيتُهما أن عَصب (أخلاق) أيّ ثورةٍ عظيمة ومؤثرة وناجحة هو: وحدة ثُوّارها، وضمور (الأنا)... والحرص على اجتماع الكلمة ووحدة الصف، وعلى توسيع مساحة المشترَك وتقليل مساحة المختلَف، والأدب العالي في إدارة الخلاف في الرأي والسياسات! وغالباً ما يكون ذلك كلُّه ثمرةَ العقل الراجح والخُلُق الفاضل... ومعلوم أنه في تاريخ الاجتماع البشري يكون التنازع من أعظم عوامل الخُسران دائماً، ولذلك حذّر الله العظيم المسلمين منه - وخاصّة في ساحات الجهاد - وبيّن سُوء عاقبته في قوله سبحانه وتعالى: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهبَ رِيحُكم واصبروا}، مما يعني أن عدم التنازع يتطلب الصبر والتحكُّم بالانفعالات، وترجيح مصلحة تحقيق الأولويات، واستيعاب الخلافات، والتنازل عن الأنانيات. فاللهم عَجِّل خلاص أمّةِ حبيبك صلى الله عليه وسلّم من الظالمين، وانصر ثوراتها على الطغاة المجرمين، وثبّت الإيمان في قلوب المسلمين، ونوِّر سلوكهم بأخلاق الصالحين... يا الله يا ناصر المستضعفين ومُذِلّ الظالمين.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن