كيف نرى الألوان؟
يقول الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم:﴿فلا أقسم بما تبصرون* وما لا تبصرون﴾[الحاقة: 38-39]. فمن سنن الله سبحانه ونعمه في خلقه أن جعل لكل خلقﹴ لمسة من الجمال. فالفرس له غرة تبيِض ناصيته. والطاووس له ذيل بديع النَسق واللون. والهدهد يتوِج رأسه تاجاً من الريش. والمهرة لديها أجمل العيون.
ولكل عينﹴ جمالها، وموطنه القزحية. ومثل البصمات تختلف قزحية عين الشخص عن مثيلاتها في عيون الآخرين.
أما كيف نرى الألوان؟ وكيف يتم التمييز؟ وكيف تتعاون الخلايا والأجهزة الداخلية لجسم الإنسان ليتم التناسق العجيب؟ آيات مختلفة يحملها الإنسان تدل على القدرة الإلهية الباهرة التي يعجز الإنسان عن وصفها.
من المعروف أن العين تستطيع أن تميز 40 درجة من الألوان المختلفة. فكيف يتم ذلك؟ كلنا نعرف أنه عندما يسقط شعاع الشمس على منشور زجاجي تنبثق منه سبعة موجات مختلفة الأطوال تتميز بألوان، وهي بالترتيب حسب أطوالها: الزهر، البرتقالي، الأصفر، الأخضر، الأزرق، النيلي، البنفسجي. وتتراوح هذه الأطوال بين (360-430) ميلّي ميكرون للون البنفسجي و(640-760) ميلّي ميكرون للون الأحمر. وتتناسب بقية الأطوال مع مدى الرؤية للعين البشرية (330-770) ميلّي ميكرون. وعندما تسقط أشعة الشمس على جسمﹴ ما لا تمتص صبغياته إحدى الموجات السابقة، نراه عندئذﹴ أبيض اللون. أما إذا امتصت صبغياته أي (صبغيات الجسم المنظور) جميع الموجات السابقة فإن العين تراه أسود اللون. وإذا لم تمتص صبغيات الجسم إحدى الموجات فإنها تنعكس وترى العين الجسم بلون الموجة المرتدة. والخلايا الصبغية التي تحدد ألوان الأجسام التي تراها العين مشتقة من اليودوبسين وموجودة بالخلايا الضوئية (المخاريط).
وتتحدد هذه الأصباغ تبعاً لحساسية المخاريط للألوان الرئيسية الثلاثة: الأحمر والأخضر والأزرق. وذلك تبعاً لأطوال الموجات الضوئية الخاصة بها. كما تتوقف حساسية المخاريط للألوان على درجة الضوء المصاحب للجسم المرئي، فهي أكثر حساسية للون الأحمر والأصفر في النهار الساطع بينما تكون أكثر حساسية للون الأخضر والأزرق في الضوء الخافت.
سبحان الله الذي أتقن كل شيء خلقه ثم هدى!!
وتوجد جينات الصبغيات للون الأحمر والأخضر على كروموزوم الجنس (Y) بينما توجد جينات صبغية المخاريط الخاصة باللون الأزرق على كروموزوم (V).
• الألوان والحالة النفسية
وبدراسة نفسية عميقة أصبح من المؤكَد أن للألوان دوراً هاماً في التأثير على نفسية الفرد فتنعكس عليه بالسعادة أو الحزن أو الفرح أو الكآبة. وكذلك إحساس الفرد بالحرارة أو البرودة. كما وجد علماء النفس ارتباطاً وثيقاً بين شخصية المرء واللون المفضل لديه وكأن الألوان مفاتيح للشخصية. ومن نتائج هذه الدراسات:
(1) الإحساس بالدفء إذا كان طلاء الجدران من اللون البني أو البرتقالي أو الأحمر، بينما اللون الأزرق أو القاتم كالرصاص يبعث على الشعور بالبرد.
(2) الأشخاص الذين يميلون إلى الانطواء أو الطبيعة المحافظة التقليدية يفضِلون اللون الأزرق.. بينما الشخص المسالم الودود يفضل اللون البرتقالي، أما الذين يكترثون بالأمور الدنيوية (الماديين) فيميلون إلى اللون الأحمر، وتتصف قراراتهم بسرعة الحكم على الأشياء وعدم التريث.
والأشخاص المتعالون الذين يعيشون في أبراج فوق الناس يفضلون اللون الأرجواني.
أما اللون الأصفر فيميل إليه الأشخاص الأذكياء، وأيضاً يميل إلى نفس اللون الأغبياء، وذلك لأن تأثير اللون الأصفر على الجهاز العصبي يختلف بحسب طبيعة الشخص.
(3) أما عن اللون الأخضر فيمكن استنتاج الملاحظات الآتية:
أ- يبعث اللون الأخضر على السرور والابتهاج.
ب- يميل إلى اللون الأخضر الشخص المتزن الحكيم.
ت- لاحظ الخبراء أن اللون الأخضر مريح للقراءة ونصحوا باستبداله بلون السبورة الأسود (اللوح المدرسي). ويلاحظ أيضاً ذلك في شاشات الكمبيوتر. فاللون الأخضر لا يجهد العين.
ث- يتلاشى اللون الأحمر مع الضوء الخافت، وتزداد حساسية المخاريط للون الأخضر ولهذا ترتاح العين والفؤاد بالنظر إلى وريقات الشجر الخضراء وقد استظلت العين بظلها الوفير.
ملحوظة: ممن بين ما ينتظر أولياء الله الصالحين من نعيم ورغدﹴ في الجنة هو تحليّ أهلها بثياب خضرﹴ من سندس وإستبرق... حيث يقول تعالى في سورة الإنسان:﴿عاليهم ثياب سندسﹴ خضر وإستبرقﹴ وحلَوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شراباً طهورا﴾. ويكرر ذكر اللون الأخضر لثياب أهل الجنة في سورة الكهف:﴿ويلبسون ثياباً خضراً من سندسﹴ وإستبرق﴾.
وكذلك وصفت الأرائك في عروس القرآن (سورة الرحمن) باللون الأخضر:﴿متكئين على رفرفﹴ خضرﹴ وعبقريٍ حسان﴾.
فتبارك الله أحسن الخالقين الذي جعل الإنسان آية بل آيات نعجز عن وصفها وشكره عليها.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن