معركة شَذُونَة - الأندلس
في التاسع والعشرين من شهر رمضان عام 92هـ، وقعت معركة شَذُونَة على نهر لَكّة في الأندلس، بين المسلمين بقيادة طارق بن زياد -رحمه الله- وبين لُذْريق قائد القوط.
وقد اتصلت الحرب بين الجانبين ثمانية أيام، استشهد فيها ثلاثة آلاف من المسلمين، ولكن الهزيمة دارت على لذريق وجيشه، وقيل: إن لذريق غرق وقُتل كثير من جيشه[1].
وفي بدء المعركة وجّه لذريق أحد قادته من أصحابه قد عرف نجدته، ووثق ببأسه ليشرف على عسكر طارق ليعرف عددهم، ويعاين هيئاتهم ومراكبهم، "فأقبل ذلك العِلْج[2] حتى طلع على العسكر ثم شدَّ في وجوه من استشرفه من المسلمين، فوثبوا إليه فولّى منصرفًا راكضًا وفاتهم بسبق فرسه، فقال العلج للذريق: أتتك الصور التي كشف لك عنها التابوت، فخذ على نفسك، فقد جاءك منهم من لا يريد إلا الموت أو إصابة ما تحت قدميك... وصُفُّوا في السهل موطِّنين أنفسهم على الثبات؛ إذ ليس لهم في أرضنا مكان مهرب. فرعب وتضاعف جزعه، والتقى العسكران بالبحيرة، واقتتلوا قتالاً شديدًا إلى أن انهزمت ميمنة لذريق وميسرته"[3].
وقد اعتبرت هذه المعركة من المعارك الفاصلة في تاريخ الإسلام، حيث مهّدت للفتح الإسلامي للأندلس؛ ولذلك قال ابن الأثير عقب هذه المعركة: "وسار طارق إلى مدينة إستجة مُتَّبِعًا لهم (لفلول المنهزمين في معركة شذونة)، فلقيه أهلها ومعهم من المنهزمين خلقٌ كثير، فقاتلوه قتالاً شديدًا، ثم انهزم أهل الأندلس ولم يلقَ المسلمون بعدها حربًا مثلها"[4]. وتعليق ابن الأثير بأن المسلمين لم يلقوا حربًا مثلها، دليلٌ على اعتبار هذه المعركة خطًّا فاصلاً لمسيرة الفتوح الإسلامية في الأندلس.
-----------------------------------
[1] الصلابي: عمر بن عبد العزيز ص250.
[2] العلج: الرجل الضخم من كفار العجم، وبعض العرب يطلق (العلج) على الكافر مطلقًا. والجمع: علوج، وأعلاج. انظر: الفيومي: المصباح المنير 2/425.
[3] المقري: نفح الطيب 1/258.
[4] ابن الأثير: الكامل في التاريخ 2/342.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة