عقبات يضعها الأهل في طريق التزام بناتهم
كثيراً ما تعاني الطالبة في بداية التزامها من عقبات يضعها الأهل في طريقها، سواء فيما يتعلق بالحجاب أو بالعمل لخدمة الإسلام، والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف تتعاطى مع هذه المشكلة وتتغلَّب عليها؟ وكيف تكسِب الطالبة أهلها في صَفِّها؟
أما معالجة هذه المشكلة فهي على الشكل التالي:
لقد اعتاد جيل الآباء والأجداد على الإسلام التقليدي الذي لا حركة فيه، وتشبّعت أذهانهم بالأفكار القومية والوطنية والاشتراكية وغيرها من التيارات التي لا تُعطي للدين في الحياة وزناً، ورسخت في أذهانهم عن الالتزام الذي يشمل جميع نواحي الحياة (الالتزام الفاعِل في البيئة والمؤثِّر في المجتمع) رسخت ثلاث أفكار هي خلفية لقراراتهم المُسبَقة:
الأولى: أن هذا الإسلام الحركي قد يؤثِّر سلباً على التحصيل العلمي للطلاب فيشغلهم عن دروسهم، في الوقت الذي يُسمح للطالبة مزاولة أيٍّ من أمور الدنيا بعيداً عن خدمة هذا الدين.
الثانية: هي الخوف من هذا الالتزام الحركي الذي تعاديه كل الأنظمة والدول الكبرى. فالأهل يخشَوْن على أبنائهم من أن تمسّهم شَوْكة في سبيل الله.
والثالثة: قد يحارب الأهل ابنتهم إن عزمت على الالتزام بالحجاب الشرعي بحجّة أنها ما زالت صغيرة، ولْندَعها تعيِش حياتها وعندما تكبر (يعني بعد الأربعين) لها أن تتحجب، أو بحُجّة أن الحجاب يقف في طريق زواج الفتاة!!!
هذه هي الأرضية التي منها ينطلقون ليضعوا العقبات التي من شأنها أن تُعرقل أعمال ابنتهم في سبيل الله.
كيف تتعامل الطالبة مع هذه العقلية؟ وكيف تزيل آثار ترسُّبات الجاهلية من عقول الأهل؟
أولاً: لعل أول سلاح تتزوّد به الفتاة هو سلاح التوجُّه إلى الله بالدعاء ليهدي أهلها لما فيه خير وأن يُيَسِّر لها سبيل العمل في سبيله وأن يُزيل من أمامها العقبات.
ثانياً: على الطالبة أن تحاول قَدْر المستطاع أن تُعطي أهلها أفضل نموذج للفتاة الملتزمة بدينها، وأن يلمسوا منها تغيُّراً إيجابياً ملحوظاً إن من ناحية رُقِيِّ أخلاقها وزيادة البِر بوالديْها وحُسْن عشرة إخوانها وأخواتها، أو من ناحية تفوُّقها الدراسي، فلا تُحوِج نفسها لأيِّ ملاحظة بشأن دراستها ولا تُعطي أهلها فرصة توجيه أصابع الاتِّهام لعملها في سبيل الله إذا ما قصَّرت في دراستها.
هذا النموذج لن يترك للمعارضين من الأهل حُجّة بحكمتها وحُسْن سلوكها، بل لعلها تدفعهم إلى محبّة هذا الطريق الذي تسلكه، وعلى الأقل إن لم يميلوا معها،
فلعلهم يُخفِّفون من القيود المفروضة على تحرُّكها خارج إطار البيت والجامعة.
ثالثاً: أن تكون الطالبة ذكية في طرح آرائها وأفكارها، وأن تجتنب تماماً استفزاز مَن حولها خاصةً إذا كانوا معارضين لفِكْرها بالكُلية. ولْتكن حكيمة في التمهيد لأيِّ خطوة تريد القيام بها.
رابعاً: أن تعرف كيف ترتِّب أولوياتها، فلا تطرح عليهم القضايا الأقل أهمية على حساب القضايا الكبرى، ولا تدخل في معارك كلامية معهم في سبيل تحقيق النوافل مفوِّتة فرصة تحقيق الواجبات. على سبيل المثال: إن كانت الفتاة تريد الحجاب، فلتمهِّد له ولْتدافع عنه لأنه فرض الله عليها، ولْتفرض الحق الذي تحمله على أهلها بأسلوبٍ مهذّب لكنه قويّ، ولْتسارع إلى ارتداء الحجاب دون انتظار الموافقة طويلاً، والله سيكون معها وسيكفيها شر الشيطان وأهله.
خامساً: أن تحرص على دعوة أهلها بالحُسْنى ليتحوّلوا إلى صفِّها بعدما كانوا في الصف المناوئ؛ على سبيل المثال: لِتحاول دعوة مَن تتلقى عليها العلم الشرعي وأساليب الدعوة إلى منزلهم، ولتعرِّفها إلى والدتها (إن كانت من الطرف المعارِض)، لعل هذا يُريح الأهل إلى نوعية الصُّحبة المُحيطة بابنتهم. وإذا كانت هناك مناسبة أُقيم من أجلها احتفالاً دينياً لتحرص على دعوة والدتها وأخواتها إليه، لعلّهم يُحِبّون هذا الجوّ ويتقرّبون من أهل الالتزام، وبالتالي ستشهد العلاقات معها تحسُّناً ولعلهم يميلون إلى تفهُّم أفكارها وطُروحاتها.
ولتكن على علم أن التغيير لا يحدث بين ليلةٍ وضحاها؛ بل إنه يحتاج إلى صبرٍ طويل وإلى حكمة في التعاطي مع المشكلات، ويحتاج إلى إخلاص لله وثبات على المبدأ، والله الموفِّق لكل خير.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن