رمضان... والشخصية الإسلامية
عزيزتي... ما رأيكِ في أن تجعلي من رمضان شيئاً مختلفاً هذا العام؟
وقد تعجبين من قولي وتسألين: ما هو هذا الشيء الذي يختلف عن الصيام في النهار والقيام في الليل وخَتم القرآن؟
وأجيبك: هناك الكثير الكثير...
فعلى سبيل المثال: هل نظرتِ يوماً إلى رمضان باعتباره مدرسة تغترفين من علومها التربوية السلوكية والروحية الشيء الكثير؟ أو باعتباره دورة تدريبية تقدّم مختلف أنواع المهارات؟
أجل، إن رمضان لا يعني مناسبة عظيمة تحتفل بها الأمة الإسلامية مرة في العام ثم تودّعها... لا أبداً ما شُرع الصيام لهذه الاحتفالية، بل لأعظم من ذلك بكثير.
إن الصيام – حبيبتي – يربي في المسلم السموّ الخُلُقي عندما يحذّره من خدش صيامه بغضبٍ أو كلامٍ بذيء، ويُلزمه الترفّع عن الخصومة والجدال، والصيام يربي المسلم على التحكّم بشهواته ورغباته: فقد استطاع أن يصبر على رؤية الأطعمة الشهية والأشربة الطيِّبة دون أن يقربها لأنه صائم، واستطاع أن يبتعد عن إشباع سائر شهواته رغم أنها حلال لأنه صائم، والصبر عن الشهوات الحلال يربي الإنسان على الصبر عن المحرَّمات، وعلى أداء الطاعات طيلة العام، والصبر على الابتلاءات... والصيام يعلِّم المسلم تنظيم وقته، ويغرس في نفسه الإحساس بقيمة الوقت، فهو يُمسِك عن جميع المفطرات في وقت محدد ويُفطِر في وقت ... كما أنه يسابق الزمن كي يؤدي مختلف أنواع العبادات وكي يختم القرآن... والصيام يمنح المسلم فرصة الخروج على المألوف؛ بحيث تختلف مواعيد طعامه ونومه ويقظته، وبالتالي فإن الصوم يدرِّب النفس على التغيير، فيكتسب مهارة الانتقال الدائم من حالٍ إلى حال أحسن منه: من المعصية إلى الطاعة، ومن الكسل إلى قوة العزيمة، ومن تضييع الأوقات إلى استغلالها على النحو الذي يُرضي الله ويحقق الإنجازات. وبمثل هذه المقوِّمات تنبني الشخصية الإسلامية.
إذاً، فأن تكوني صائمة، يعني أن تكوني مسلمة متميّزة الشخصية، أي أن تتمثلي الإسلام قلباً وقالَباً، وأن تتمكّني بهذه الشخصية التي صاغها رمضان من أن تفرضي وجودك الذي هو امتداد تلقائي للسمت الإسلامي ولروحية الإسلام في شخصيتك، وبقدر نجاحك في إعطاء الصورة المثلى عن الإسلام، تكوني نِعْمَ رسولٍ لرسول الإسلام صلى الله عليه وسلم، وخير مبلِّغٍ لشرع الله بلسان حالك قبل مقالك.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن