تشوقوا لرمضان واعرفوا فضله
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدَّم من ذنبه».
وهو حديث متفق عليه: خرّجه الإمامان الجليلان الحافظان البخاري ومسلم رحمهما الله في صحيحَيْهما عن أبي هريرة رضي الله عنه- كما خرّجه أصحاب السنن والإمام أحمد في مسنده- أما الإمام البخاري فقد خرّجه في كتاب الصوم، باب صوم رمضان إيماناً واحتساباً ونيةً (1901)، وفي كتاب الإيمان، باب صوم رمضان احتساباً من الإيمان، وخرجه الإمام مسلم في صحيحه (760) في صلاة المسافرين، باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح. أقول: أورده في هذا الباب لأن تتمته عنده رحمه الله: «ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه». وهذه التتمة عند البخاري أيضاً ولكن في صدر الحديث.
ولفظ الحديث عند الإمام الترمذي (683): «من صام رمضان وقامه إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه» أخرجه في كتاب الصوم، باب ما جاء في فضل شهر رمضان.
فوائد عظيمة
الأولى: قال الإمام المُنذري في كتابه "الترغيب والترهيب": في الترغيب في صيام رمضان احتساباًً-: قال الخَطّابي: قوله "إيماناً واحتساباً": أي نية وعزيمة، وهو أن يصومه على التصديق والرغبة في ثوابه، طيّبةً به نفسُه غيرَ كارهٍ له ولا مستثقِلٍ لصيامه، ولا مستطيلٍ لأيامه، لكن يغتنم طول أيامه لعِظَم الثواب. وقال البَغَويّ: قوله «احتساباً» أي طلباً لوجه الله تعالى وثوابه، يُقال: فلان يحتسب الأخبار ويتحسّبُها: أي يتطلّبها.
الثانية: قوله صلى الله عليه وسلم:«غُفر له ما تقدم من ذنبه» فيه فضل عظيم لصيام رمضان- وقيامُه مثل ذلك- فهو مَطْهرة للصائم وغَسيل لآثامه اللهم اغفر لنا في رمضان وتقبّله منا وطهِّرْنا فيه آمين. ويجدر نقل كلام الإمام الحافظ ابن حَجَر العسقلاني رحمه الله في «فتح الباري» 251:4 فقد قال: ظاهرُه يتناول الصغائر والكبائر وبه جزم ابن المُنذر. وقال النووي: المعروف أنه يختصّ بالصغائر وبه جزم إمامُ الحَرَمين وعزاه عِياضٌ لأهل السنّة، قال بعضهم: ويجوز أن يخفَّف من الكبائر إذا لم يصادف كبيرة. انتهى النقل عن ابن حجر.
الثالثة: خرّج الحافظ ابن حجر رحمه الله في الموضع نفسه-وكذلك في ص 115-116 من الجزء نفسه- الزيادة التي وردت في بعض طرق الحديث «غُفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر» ووجّه معناها وأجاب عن استشكالها وحقق ثبوتها، قال رحمه الله: وقد وقعتْ أيضاً في حديث عُبادة بن الصامت عند الإمام أحمد من وجهين، وإسنادُه حسن، وقد استوعبتُ الكلام على طُرُقه في كتاب «الخصال المكفِّرة للذنوب المقدَّمة والمؤخَّرة». أقول: وهو مطبوع.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن