عشر وسائل لاستقبال رمضان
هذه رسالة موجهة لكل مسلمٍ أدرك رمضان وهو في صحة وعافية، لكي يستغله في طاعة الله تعالى، وقد حاولنا أن تكون هذه الرسالة في وسائل وحوافز إيمانية تبعث في نفس المؤمن الهمة والحماس في عبادة الله تعالى في هذا الشهر الكريم، عنوانها:
ما هي الوسائل المفيدة لاستقبال هذا الشهر الكريم؟
ينبغي للمسلم أن لا يفرط في مواسم الطاعات، وأن يكون من السابقين إليها، ومن المتنافسين فيها قال الله تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26]. فاحرص -أخي المسلم- على استقبال رمضان بالطرق السليمة التالية:
الطريقة الأولى:
الدعاء بأن يبلغك الله شهر رمضان وأنت في صحة وعافية، حتى تنشط في عبادة الله تعالى، من صيام وقيام وذكر؛ فقد روي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: كان النبي إذا دخل رجب قال: "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبارك لنا في رمضان"[1]. وكان السلف الصالح يدعون الله أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه أن يتقبله منهم.
فإذا أهَلَّ هلال رمضان فادع الله، وقل: "الله أكبر، اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والتوفيق لما تحب وترضى، ربي وربك الله"[2].
الطريقة الثانية:
الحمد والشكر على بلوغه: قال النووي -رحمه الله- في كتاب الأذكار: اعلم أنه يستحب لمن تجددت له نعمة ظاهرة، أو اندفعت عنه نقمة ظاهرة؛ أن يسجد شكرًا لله تعالى، أو يثني بما هو أهله. وإن من أكبر نعم الله على العبد توفيقه للطاعة والعبادة، فمجرد دخول شهر رمضان على المسلم وهو في صحة جيدة هي نعمة عظيمة، تستحق الشكر والثناء على الله المنعم المتفضل بها. فالحمد لله حمدًا كثيرًا كما ينبغي لجلال وجهه، وعظيم سلطانه.
الطريقة الثالثة:
الفرح والابتهاج، فقد ثبت عن رسول الله أنه كان يبشر أصحابه بمجيء شهر رمضان فيقول: "جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تفتح أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب الجحيم ..."[3].
وقد كان سلفنا الصالح من صحابة رسول الله والتابعين لهم بإحسان يهتمون بشهر رمضان، ويفرحون بقدومه، وأي فرح أعظم من الإخبار بقرب رمضان موسم الخيرات، وتنزل الرحمات.
الطريقة الرابعة:
العزم والتخطيط المسبق للاستفادة من رمضان، فالكثيرون من الناس -وللأسف الشديد- حتى الملتزمون بهذا الدين يُخطِّطُون تخطيطًا دقيقًا لأمور الدنيا، ولكن قليلون هم الذين يخططون لأمور الآخرة، وهذا ناتج عن عدم الإدراك لمهمة المؤمن في هذه الحياة، ونسيان أو تناسي أن للمسلم فرصًا كثيرة مع الله، ومواعيد مهمة لتربية نفسه حتى تثبت على هذا الأمر..
ومن أمثلة هذا التخطيط للآخرة: التخطيط لاستغلال رمضان في الطاعات والعبادات، فيضع المسلم له برنامجًا عمليًّا لاغتنام أيام وليالي رمضان في طاعة الله تعالى، وهذه الرسالة التي بين يديك تساعدك على اغتنام رمضان في طاعة الله تعالى إن شاء الله.
الطريقة الخامسة:
عقد العزم الصادق على اغتنامه، وعمارة أوقاته بالأعمال الصالحة، فمن صدق الله صدقه وأعانه على الطاعة، ويسر له سبل الخير، قال الله عز وجل: {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [محمد: 21].
الطريقة السادسة:
العلم والفقه بأحكام رمضان، فيجب على المؤمن أن يعبد الله على علم، ولا يعذر بجهل الفرائض التي فرضها الله على العباد، ومن ذلك صوم رمضان، فينبغي للمسلم أن يتعلم مسائل الصوم وأحكامه قبل مجيئه ليكون صومُهُ صحيحًا مقبولاً عند الله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [النحل: 43].
الطريقة السابعة:
علينا أن نستقبله بالعزم على ترك الآثام والسيئات، والتوبة الصادقة من جميع الذنوب، والإقلاع عنها وعدم العودة إليها، فهو شهر التوبة، فمن لم يتب فيه فمتى يتوب؟ قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31].
الطريقة الثامنة:
التهيئة النفسية والروحية من خلال القراءة والإطلاع على الكتب والرسائل، وسماع الأشرطة الإسلامية من المحاضرات والدروس التي تبين فضائل الصوم وأحكامه، حتى تتهيأ النفس للطاعة فيه، فقد كان النبي يهيئ نفوس أصحابه لاستغلال هذا الشهر، فيقول في آخر يوم من شعبان: "جاءكم شهر رمضان..." الحديث[4].
الطريقة التاسعة:
الإعداد الجيد للدعوة إلى الله فيه، من خلال:
1- تحضير بعض الكلمات والتوجيهات تحضيرًا جيدًا لإلقائها في مسجد الحي.
2- توزيع الكتيبات والرسائل الوعظية والفقهية المتعلقة برمضان على المصلين وأهل الحي.
3- إعداد هدية رمضانية، وبإمكانك أن تستخدم في ذلك مظروفًا فتضع فيه شريطين وكتيب مثلاً، وتكتب عليه "هدية رمضان".
4- التذكير بالفقراء والمساكين، وبذل الصدقات والزكاة لهم.
الطريقة العاشرة:
نستقبل رمضان بفتح صفحة بيضاء مشرقة:
أ- مع الله سبحانه وتعالى بالتوبة الصادقة.
ب- مع الرسول بطاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر.
ت- مع الوالدين والأقارب والأرحام، والزوجة والأولاد بالبر والصلة.
ث- مع المجتمع الذي تعيش فيه حتى تكون عبدًا صالحًا ونافعًا، قال : "أفضل الناس أنفعهم للناس"[5].
هكذا يستقبل المسلم رمضان استقبال الأرض العطشى للمطر، واستقبال المريض للطبيب المداوي، واستقبال الحبيب للغائب المنتظر.
فاللهم بلغنا رمضان، وتقبله منا، إنك أنت السميع العليم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
-----
[1] رواه أحمد برقم (2342)، وضعفه الألباني في مشكاة المصابيح برقم (1369).
[2] رواه الطبراني برقم (13330) من حديث ابن عمر رضي الله عنه، وصححه الألباني في السلسلة برقم (1816).
[3] أخرجه أحمد برقم (7108)، وقال الشيخ الألباني: صحيح. انظر حديث رقم (55) في صحيح الجامع.
[4] التخريج السابق.
[5] رواه الطبراني في معجمه برقم (13646)، وقال الشيخ الألباني: حسن. انظر حديث رقم (3289) في صحيح الجامع.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن