حوار مع الفائز بالمرتبة الأولى في مسابقة الجزيرة للباحثين الشباب
لطالما كان الشباب الواعي عماد الأمة وعُدتها وقلبها النابض بالحياة. لذا بقي المستَهدف الأبرز الذي حرص أعداء الأمة على تفريغ قلبه وتشتيت فكره واحتلال عقله بشُبَهٍ مُغرضة وثقافة تدميرية ممنهجة حرفت مسار شريحة واسعة من شبابنا وضيّعت عليهم أهداف حياتهم.
غير أن أمتنا الوَلود المِعطاءة ما زالت تزخر بالشباب الواعي المثقف الحُر من أية تَبَعية لغير الله. ومن هؤلاء ضيفنا الشاب الطالب في السنة الثالثة في كلية العلوم السياسية الجامعة الأمريكية في بيروت (AUB ) والناشط في العمل الدعوي والحركي في جمعية الاتحاد الإسلامي والعضو في قطاعها الشبابي المنتدى الطلابي وفي المنتدى للتعريف بالإسلام الذي أوفده إلى إسبانيا لتمثيله في دورة بعنوان: «الفكر الإسلامي النقدي»... هو الأخ علي حرفوش الفائز بالمرتبة الأولى في مسابقة نظمتها الجزيرة بمناسبة مرور 15 سنة على انطلاقتها تحت عنوان: «مسابقة الجزيرة للباحثين الشباب».
وقد جاءت المسابقة على مستويَين، الفئة الأولى للشباب من عمر 25 فما دون والثانية لمن هو فوق 25 إلى 35؛ حيث تَقدمَ لهذه المسابقة 219 باحثاً من الشباب من بلدان عربية مختلفة. واشتملت على المحاور الآتية: «الجزيرة والإعلام الجديد»، «الجزيرة واهتمامات الشباب العربي»، «الجزيرة: رؤى نقدية»، «تغطية الجزيرة»، و«تأثير الجزيرة». وفي المحور الأخير شارك ضيفنا ببحث عنوانه: «الجزيرة والخطاب الكولونيالي: نحو التحرير والثورة» وحاز على المرتبة الأولى.
وقد مُنح الفائز بالمرتبة الأولى عن كل فئة مكافأة مالية، إضافة إلى دعوة الباحثين الفائزين بالمراكز الأولى من الفئة الثانية لتقديم أبحاثهم في ندوة ينظمها المركز بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة لانطلاق الجزيرة بعنوان: «الجزيرة.. خمسة عشر عاماً» بتاريخ 31 أكتوبر (تشرين الأول) و1 نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، فضلاً عن نشر الأبحاث الفائزة في كتاب تُصدره الجزيرة لاحقاً.
أما الآن فإلى الحوار:
1. «منبر الداعيات»: بداية نبارك لك فوزك ونسأل: هل فوجئت بالنتيجة أم كنت تتوقعها؟ وماذا يعني لك هذا الفوز؟
* بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد، فلم أكن متأكداً من الفوز، لكنني كنت ممتلئاً بالثقة والطمأنينة حينما قدمت الرسالة. وأعتبر فوزي هذا فوزاً لدعوتنا (جمعية الاتحاد الإسلامي) وفكرها ورسالتها.
2. «منبر الداعيات»: ما الذي دفعك للمشاركة في مسابقة الجزيرة؟
* رأيت في ذلك فرصة سانحة ووسيلة لإبراز بعض مبادئي من خلال الموضوعات المطروحة في المسابقة.
3. «منبر الداعيات»: لماذا اخترت البحث في موضوع «الجزيرة والخطاب الكولونيالي: نحو التحرير والثورة»؟
* اخترت هذا العنوان لأهميته، خصوصاً في زمن الثورات في العالم الإسلامي، لكن مع بُهوت في الخطاب الإسلامي، ومحاولة الغرب الماكر سرقة إنجازات هذه الثورات من خلال إبراز خطابه كالديموقراطية والوطنية اللتين تبدوان محايدتين ظاهراً، لكنهما في الحقيقة وسيلتان لاحتواء المسلمين والحركة الإسلامية تحت مظلة الفكر الغربي الجاهلي. وقد كانت رسالتي تحليلاً نقدياً للخطاب الذي تستعمله الجزيرة لتغطية أحداث الثورات، أشرت فيها إلى مدى أهمية أي خطاب في صناعة المعرفة وطريقة فهمنا ونظرتنا للأمور والقضايا كما يبيّنها المفكر ميشال فوكو.
4. «منبر الداعيات»: لو تُحدثنا قليلاً عن مضمون بحثك والنتيجة التي خلصت إليها؟
* بيّنت في بحثي أن الجزيرة تعتمد على خطاب غربي واستعماري، لأنه يكرس هيمنة الاستعمار الفكري في بلادنا والاعتماد على معايير غربية في النظرة إلى الأمور، كمفهوم الديمقراطية مثلاً. وقد قمت بتفنيد مقولة إن الديمقراطية مرادفة للحرية والمساواة، وكذا أوضحت أن تجربة الغرب مع الديمقراطية تكشف عن حقيقة هذه الديمقراطية بمنأى عن مفاهيمها السطحية التي تروَّج للناس، وتبيِّن أنها في حقيقتها وباسمها يتم عملياً قمع الإنسان واستعباده وتفقيره، وتركيز السلطة في يد نخبة رأسمالية كما رأينا ونرى في أوروبا.
ثم بيّنت أن الإسلام يقدّم نظرة مختلفة وأن الخطاب البديل هو الخطاب الإسلامي الذي جعل الحرية والعدالة والمساواة في جذور منطوقه (التوحيد)، وأن خطابه إنساني شمولي عمومي عالمي في مقابل الخطاب الوطني الضيق.
5. «منبر الداعيات»: ما الجديد الذي اكتسبته من خلال هذا البحث؟
* ازددتُ يقيناً في واقعية وحتمية الطرح الإسلامي، خصوصاً حين قرأت لأكاديميين أمثال ميشال فوكو وويليام كونولي وألازداير ماكنتاير وغيرهم ممن يُقرّون بقُصور تلك النماذج الغربية السائدة في معالجة شتى المشاكل التي تعاني منها مجتمعاتهم.
6. «منبر الداعيات»: برأيك، ما الأهمية التي يشكّلها تنظيم مثل هذه المسابقات المستهدفة لشريحة الشباب؟
* إن مثل هذه المسابقات توفر الفرص لتبادل الأفكار بين الشباب ومناقشتها، والاستفادة من طاقاتهم، وهذا في غاية الأهمية في خضم أزمة الهوية والفكر التي غلّفت الأمة الإسلامية بعد سقوط الخلافة.
7. «منبر الداعيات»: من خلال تجربتك، هل تستطيع تقديم خطوات عملية تحفز الشباب على الاكتساب المعرفي في عصر قلَّ فيه إقبال الناس على الشغف بالقراءة وبالتحصيل العلمي؟
* أقترح في هذا المضمار أن نغرس في نفوس شريحة الشباب الحس بالمسؤولية لإنقاذ العالم الإسلامي بل البشرية جمعاء، حيث تتعالى الصرخات لإيجاد البديل. وهذا يحتاج إلى طرح الإسلام بوضوح وعلى بصيرة، وهو بدوره يتطلب القراءة والمطالعة الواعية الهادفة، والمسألة ليست في عدد الكتب وإنما في نوعيتها.
8. «منبر الداعيات»: بعد هذه التجربة، ما الخطاب الذي توجهه لأقرانك من الشباب؟
* كما سبق وأشرت، أذكّر الشباب بالمسؤولية. والآن في ظل هذه الثورات وانهيار النظام الرأسمالي العالمي، فإن الحاجة تتزايد لدور أكثر فاعلية لهم عبر حُسن التثقّف والعمل الجماعي الحركي لمشروع إسلامي متكامل. فالإسلام هو الطرح الأصيل الحقيقي المستنير القادم، وحلوله هي الحلول لمشاكلنا المعاصرة ولكل العصور، لكننا نحتاج إلى المزيد من الدعاة والقيادة الحكيمة كي نخرج إلى العالم بمشاعل التغيير بعد سبات عميق.
***
في الختام، تعتز أمتنا بمثل هذه النماذج وتصبح أكثر صلابة عندما تكثر بين الشباب؛ فنسأل الله تبارك وتعالى أن يعي شبابنا دورهم الحقيقي المطلوب منهم ليكونوا على مستوى التحديات، خاصة في مرحلة ما بعد الثورات العربية
* تُنشر بالتعاون مع نشرة «الأندلس» الشبابية.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة