له أكثر من ثمانين مؤلفاً، والعديد من الدورات التدريبية وغيرها الكثير من المحاضرات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية معظمها في قضايا الأسرة والمجتمع.
اغضب بصمت
كتب بواسطة د. محمد رشيد العويد
التاريخ:
فى : ليسكن إليها
2050 مشاهدة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
قد يصعب على كثير من الناس منع أنفسهم من الغضب، ولهذا سندعوهم اليوم إلى القيام بعمل آخر مع الغضب، وهو الصمت.
والفرق كبير بين الغضب بصمت والغضب بصراخ وشتم وضرب.
إن من يغضب بصمت يحمي نفسه من آثار الغضب المُتَفجِّر المُدَمِّر، ومن إيذاء من غضب عليهم، إيذاءً يبدأ بإحزانهم، مروراً بإلحاق الضرر بأبدانهم، وانتهاءً بقتلهم.
ويحمي نفسه من ارتكاب أفعال قد تقضي بحبسه، ثم الحكم عليه بالسجن، وربما القصاص بقتله إذا قتل نفساً.
ولعل كثيراً من الأزواج الذين يُطَلِّقون زوجاتهم وهم غاضبون ما كانوا ليُطَلِّقوهن لو أنهم غضبوا بصمت.
بل إن تأثير الغضب الصامت أَوْقَعُ في نفوس الآخرين من الغضب الصارخ، أو المُتَفَجِّر، ذلك أنهم لا يعرفون سبب غضبك وأنت صامت، فلا يقابلون غضبك بغضب منهم يدافعون به عن أنفسهم، بل تجدهم حائرين يحاولون معرفة سبب غضبك.
وهكذا الحال في الحياة الزوجية، فحين تغضب لأمر فعلته زوجتك، أو أحد أبنائك، ويظهر أثر هذا الغضب في وجهك دون صراخ أو عنف، فإن آثار ذلك ستكون جميعها إيجابية في الأغلب، كإشعارهم بخطأ ما ارتكبوه، وندمهم عليه، وتوبتهم منه، ووعدهم بالإقلاع عنه، وعدم العودة إليه.
ولقد علّمنا النبي «صلى الله عليه وسلم» ذلك بتوجيهه وأمره في أحاديثه الشريفة، وعلَّمنا إياه بعمله كما جاء في شمائله النبوية.
فمن أحاديثه «صلى الله عليه وسلم» الموجِّهَة إلى الصمت حين الغضب؛ قوله «صلى الله عليه وسلم»: (إذا غضِب أحدكم فليسكت). البخاري في الأدب المفرد.
وقوله «صلى الله عليه وسلم»: (من كتم غيظاً، وهو قادرعلى أن يُنفِذه، دعاه الله على رؤوس الخلائق؛ حتى يُخَيِّره من الحور العين، يُزوِّجه منها ما شاء). صحيح الجامع.
أما تعليمه لنا ذلك بفِعْلِه «صلى الله عليه وسلم»؛ فقد جاء في شمائله «صلى الله عليه وسلم»، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كان النبي «صلى الله عليه وسلم» أشدّ حياء من العذراء في خِدرها، فإذا رأى شيئاً يكرهه؛ عرفناه في وجهه). متفق عليه.
وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير، فلما رآها رسول الله «صلى الله عليه وسلم» قام على الباب فلم يدخل، فعرفَتْ في وجهه الكراهية فقالت: يا رسول الله، أتوب إلى الله وإلى رسوله؛ فماذا أذنبت؟ فقال «صلى الله عليه وسلم»: (ما بال هذه النمرقة؟!)، قالت: اشتريتها لك تقعد عليها وتتوسدها، فقال رسول الله «صلى الله عليه وسلم»: (إن أصحاب هذه الصور يوم القيامة يُعَذَّبون؛ فيقال لهم: أحيوا ما خلقتم). ثم قال: (إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة). متفق عليه.
وهكذا يمكنكم أن تفعلوا، إخوتي الرجال، حين تحرصون على أن تكتموا غيظكم في قلوبكم، دون أن تمنعوه من الظهور على وجوهكم، فتلحظه زوجاتكم، فيسألنكم عن سر غضبكم، فتقومون ببيانه لهن برفق وحزم، وعتب وحزن، فهذا والله أجدى من الصراخ والعنف، وأبلغ أثراً من الضرب والشتم.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن