هل الفيس بوك مناسب لتعبيرك عن حبك لزوجتك؟
كتب بواسطة علي خيري
التاريخ:
فى : ليسكن إليها
2016 مشاهدة
هل الفيس بوك مكان مناسب لتخبر فيه زوجتك أنك تحبها، وأنك لا تستطيع العيش من دونها، وأنها هي النعمة الكبرى التي أنعم الله بها عليك؟ وهل هو المكان الأمثل لتعترفي لزوجك فيه بأن أسعد أيام حياتك هي تلك التي عرفتيه فيها! هذا هو السؤال الذي يخطر في ذهني باستمرار عندما أجد من يتكلم بهذه الأمور -والتي هي بالمناسبة من أشد أمور الإنسان خصوصية هكذا على الملأ- قد أفهم أن تكتب السيدة منشورا من هذه النوعية، وذلك مع اعتراضي الشديد على هذا الأمر، فهي قد تريد إعلام صويحباتها بحجم السعادة التي تنهل منها!، أو إنها تريد إيصال رسالة لفلانة أنها تزوجت قبلها وتعيش بسعادة مع زوجها، إلى أخر هذه الأمور التي قد تعنى بها فئة معينة من النساء.
لكن ما لا أفهمه واستهجنه وأجده يقدح في رجولة ومروءة من يفعله، هو أن يتغزل رجل بزوجته على الفيس بوك أو أي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي فتجد أحدهم يدبج منشورا طويلا عن مدى شغفه بزوجته، وتجد الأخر يحكي لنا قصة طويلة عن مشاعره في اليوم الأول الذي قابلها فيه، بل والأنكى والأسوأ إنه قد يرفق المنشور بصورة له هو وزوجته وهما في وضع غرامي! لماذا يا أخي تصنع هذا بنفسك ورجولتك، ما الذي سأستفيده أنا من معرفتي بمقدار حبك لزوجتك، لماذا تجعل بيتك من زجاج وتعرض علينا فيه أخص خصوصياتك، ألا تعلم أن الفيس بوك والإنستجرام وغيرهما من وسائل التواصل الاجتماعي كالشارع الذي يرد فيه البر والفاجر، الطيب والشرير، الغابط والحاسد.
لماذا يا صديقي تتنازل بمطلق إرادتك عن حرمة حياتك الخاصة، تلك الحياة التي من المفترض أن تتهم من يود الاطلاع على أدنى تفاصيلها بالتطفل وسوء الأدب، بل إن الشرع قد أنزل وحي يتلى إلى يوم القيامة عن آداب الاستئذان التي تحمي حياتك الخاصة من تطفل الأخرين عليها. هل تتخيل أن معنى الحياة الخاصة التي من المفترض أن تتنعم بنعمتها يحسدك عليها الكثير من الناس، فكثيرا ما كنت أتفاجئ بغضب فنانون من سؤالهم عن حياتهم الشخصية أمام الكاميرات أو في حوار صحفي، وأجده يصمم على أن حياته الخاصة خط أحمر لا يسمح لأي شخص بتجاوزه.
لماذا لا نعيش السعادة بدلا من التظاهر أمام الناس أننا سعداء، هل المهم أن تخرج أنت وزوجتك وتشعروا بالانبساط والفرحة الحقيقيين، أم الأهم هو إعلام الناس أننا خرجنا وتفسحنا وعشنا أجمل لحظات العمر!
وإذا أردت مثالا على هذا فلك أن تبحث عن المقابلة التي أجراها الصحفي مفيد فوزي مع الفنان أحمد زكي وتطرق فيها الصحفي إلى الحياة الخاصة للفنان أحمد زكي، وأطلب منك يا صديقي أنت تتفحص بتمعن الضيق الذي ظهر على ملامح أحمد زكي، والعصبية التي ظهرت في طريقة كلامه، وعلى الرغم من الضغط السمج الذي قام به مفيد فوزي إلا أن أحمد زكي لم يتطرق إلا مكرها لبعض تفاصيل حياته. هذا الفنان المشهور الذي تتصيد الصحف والكاميرات أخباره كان يتمنى لو عاش حياته الخاصة مثلك، أما أنت يا صديقي فتأبى إلا أن تكون حياتك الخاصة عامة فرجة ومشاعا لكل من هب ودب.
هذا بفرض أن الشخص الذي يقوم بهذا العمل سعيد فعلا في حياته الخاصة، أما الطامة الكبرى والداهية السوداء لو أن حياته الحقيقة على النقيض مما يحاول إظهاره على الفيس بوك، فنحن هنا سنكون أمام ظاهرة تستحق الدراسة. وللأسف الشديد هذا النوع الأخير الذي أتكلم عنه موجود وبكثره شديدة، وقد شهدت على الكثير من هذه الأمثلة من واقع عملي كمحام، فلماذا لا نهتم بتزيين البيوت من داخلها ونحاول فقط تزويق الأبواب والستائر.
لماذا لا نعيش السعادة بدلا من التظاهر أمام الناس أننا سعداء، هل المهم أن تخرج أنت وزوجتك وتشعروا بالانبساط والفرحة الحقيقيين، أم الأهم هو إعلام الناس أننا خرجنا وتفسحنا وعشنا أجمل لحظات العمر! ومثل هذا الكلام المستهلك، حاولوا التركيز على إسعاد أنفسكم ولا تشتتوا انتباهكم بالدعاية والإعلان عن هذه السعادة. حاولوا أن تعيشوا السعادة بدلا من التظاهر بالعيش فيها.
المصدر : مدونة الجزيرة
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن