قبل أن ينفذ رصيدك
كتب بواسطة الداعية خالد حمدي
التاريخ:
فى : المقالات العامة
1358 مشاهدة
قال لي أحدهم:
سبحان الله!!
أخفيت عن زوجتي وأهلي نزواتي ومغامراتي السيئة بذكاء حاد ثم انكشف أمري لسبب لا يقع من طفل صغير!!
فقلت: بل هو رصيدك من ستر الله... حان وقت انتهائه!!
حملق في بعينيه وقال:
أو للستر رصيد؟! قلت نعم، يظل ستر الله يغطيك رغم عظيم قبحك، حتى ما رأى منك بلادة لا تبالي معها عظيم ما أنت فيه من ستر، ولا يرى منك نية ارتداع أو إقلاع نزعه عنك!!
ذكر لي صديق أن ضابطا يعرفه أخبره أنهم قد ذهب ذات مرة في دورية لنجدة فتاة تصرخ من شرفة عالية:
أدركوني... أنقذوني...
أسرعوا وكسروا باب الشقة التي تقف الفتاة في شرفتها فإذا رجل ستيني العمر كان عاريا تماما، وقد مات على هذه الحال...
استجوبوا الفتاة فإذا هي قد جاءت مع هذا الرجل ليفعل فيها الفاحشة نظير مبلغ من المال..
فلما أخذ أهبته وتناول حبته جاءته منيته!!
مثل هذه الفضائح لا يفعلها الله مع العبد حديث الذنب، إنما يصنعها بمستمرئ الذنب معتاد الخطيئة، لأنه سبحانه أكرم من أن يعجل بهتك ستر مذنب جديد زلت قدمه أو ضعفت نفسه لأول مرة..
روى ابن خزيمة بإسناد صحيح عن أنس: أن عمر رضي الله عنه أُتِيَ بشباب قد حلَّ عليه القطع، فأمر بقطعه، فجعل يقول: يا ويله، ما سرقت قط قبلها! فقال عمر: كذبت ورب عمر، ما أسلم الله عبدا عند أول ذنب.
فإذا علمت هذا فاعلم أن رصيد الستر لا ينفد حتى يعجل صاحبه بنفاده..
يظل قابعا على حرام المواقع، أو لاهثا وراء النساء، أو مستمرئا أكل الحرام، وكلما ازداد ستره ازداد فاحش فعله حتى يفجأه الله بالفضيحة..
وليست الفضيحة حينها فضيحة هذه الفعلة أو تلك... إنما فضيحة ذنب ممتد، ورصيد ينفد!!
يقول ابن القيم رحمه الله: [ تالله ما عدا عليك العدو إلا بعد أن تخلى عنك المولى فلا تظن أن العدو غلب ولكن الحافظ أعرض ]
أي أن العبد بسوء جرمه وطول أمله مع تراكم سوئه تسبب في تخلي المولى سبحانه بستره عنه، وعندما يتخلى الغفار يحل الخزي والذل والفضح والبوار.
وزماننا يا إخوتي زمان يُسر المعصية وشنيع الذنب... حتى ليحسبن بعض المساكين أن الستر عادة فلا يزال يعصي حتى يفضح!!
فلتحفظوا رصيدكم من الستر أحبتي، فوالله نحن بغير الستر لا تطاق لنا من الذنوب رائحة، ولا يبقى لنا صديق..
والكريم الذي يسدل ستره علينا حلما ورأفة، لا طاقة لنا بغضبه إذا نفد رصيد سترنا عنده..
واسألوا الكثيرين ممن كانوا حديث الركبان وملء السمع والبصر فسقطوا من أعين الناس في ساعة من نهار...
وما سقوطهم من أعين الخلق إلا بعدما نفد رصيدهم من الستر عند الخالق!!
فحافظوا على أرصدتكم.
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة