عامٌ مَرّ..
عامٌ مرَّ من أمامنا ومرَرْنا معه...
عامٌ أقلُّ ما يُقالُ عنهُ أنّهُ عام الصّراعاتِ والنّزاعاتِ والانقسامات، عامٌ مضرَّجٌ بدمائنا المتساقطة في كلِّ مكان وأشلاءِ أطفالنا التي ذابت من الجوعِ والقهر ومازال الأنينُ يُسمعُ...
كانت لنا وقفاتٌ طويلةٌ مع الدروس والعِبر المستوحاة من قصَّة مدينةٍ كلُّ ما فيها يموت لكنّها ترفُضُ أنْ تموتَ. زهرةُ المدائن تغرِسُ فينا إيمانًا عميقًا بالبقاء والصُّمود والتحدّي لكلِّ الظروف القاهرة.
هناكَ وقف أهلها وقوفَ الجبابرة، أمام عدُوٍّ يقتاتُ على أجسادِنا ولا ينتهي ظمؤهُ لدمائنا.
وهنا مرّت أيّامُنا المتسابقة بالسعي لأجلكِ غزّة في سبيل إنقاذِ كلّ ما يُمكِنُ إنقاذُهُ... أو إمدادُهُ، فرغيفُ خُبزٍ في ذلك المكان بات معجونًا بالدّمِ مخبوزًا بالمجدِ مُطعَّمًا بطعم الصُّمود.
قضيْنا الليالي في ابتهالاتٍ ومناجاةٍ والدمعُ ينسكِبُ مع الرّجاء، وغيرَ بعيدٍ عنكِ غزّة نحنُ أيضًا كان لنا موعدٌ مع عدوّنا المشترك.
احترق من حولنا المكان لكنّ الله تعالى بقدرته مَنَّ علينا بالنجاة.
وكانت الشامُ ثالثَةً في الألم والاحتراق. أمّا عن جراحها فلا تسألوا. لاتسألوا السنوات عن شهدائها ولا عن عدد سجنائها، لا تذكروا قِصص نسائها، ما أصابهنّ من قهرٍ يعدل عذابًا أطول من أعمارهنّ وأشقى من موتهنّ في سجونها المظلمة الباردة. حين كان العالم لا يرى ولا يسمع.. ولا يمرُّ النّهار من تلك النافذة الضيّقة.
هناك ضاعَتِ الوجوهُ وصيغَتِ الأسماءُ في أرقام. كأنّه لا فرق بين الأحياءِ والأموات. فالحيُّ ميِّتٌ ولو بعد حينٍ.
في غفلةٍ عن المجرمين والجلادين، كان النصر يُصنع في الخفاء.. بزغ فجرُ النّصر والتحرير. وتحقّقت نبوءة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بما ذكرهُ عن بلاد الشام.
جاءت نهاية العام مُكلَّلةّ بالنّصر والتحرير حاملةً معها ألف بُشرى باستكمال تحرير الشعوب. وأملًا لأهل غزة بالفرج..
وها نحنُ نشهدُ اليوم فجرًا جديدًا.
أمّا المستقبل فلهُ رجالاتُهُ. لم يبقَ في غزَّة أطفال بل أصبحوا رجالًا. كبروا في عامٍ مئة عام. لكلٍّ منهم جُرحُهُ الذي سيظلُّ وقودًا يغذّي جذوة الجهاد. وستظلُّ نفوسُهم تحترقُ شوقًا لتحرير المسجد الأقصى..
وداعًا يا عام الحزن والفرح..
وداعًا يا عام الضيق والفرَج.. وداعًا يا ليالينا الباكية..
لم يعُد لدينا وقتٌ للبكاء.. فالأيّام القادمة نهضةٌ بعد ركود.. انبعاثٌ بعد موت..
تحريرٌ من القيود.. وصمودٌ... وصمودٌ... وصمودٌ...
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
عامٌ مَرّ..
كشف الثقوب.. في أدعياء علم الغيوب! الجزء الثاني
كشف الثقوب.. في أدعياء علم الغيوب!
ضَوْءٌ لَمَعَ وَسَطَ المَدِينَة
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء العاشر