هم الأخسرون وربِّ الكعبة!
"هم الأخسرون وربِّ الكعبة: الأكثرون أموالاً إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا - من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شِماله - وقليل ما هم" !!.
هو حديث صحيح، رواه البخاري في صحيحه (6638) في كتاب الأَيْمان والنذور، ومسلم أيضاً (990) في كتاب الزكاة، وغيرُهما عن الصحابي الجليل الزاهد أبي ذرّ رضي الله عنه .
وللحديث قصة ذَكَراها وهي أن أبا ذرّ انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول في ظل الكعبة: هم الأخسرون وربِّ الكعبة! هم الأخسرون وربِّ الكعبة! فقال في نفسه: ما شأني، أَيُرى فيّ شيءٌ؟... فقلت: من هم بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟ فقال: «الأكثرون أموالاً إلا....» الحديث .
وتكرّر هذا التوجيه والتحذير منه صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري (6443) في كتاب الرِّقاق: في واقعة مَشْيِهِ صلى الله عليه وسلم وحده ثم التحاق أبي ذرّ به، فذكر له نحو هذا البيان والتحذير من الاستكثار من جمع المال مع التقصير في كثرة إنفاقه في سبيل الله في كل وجوه الخير، وكما في صحيح البخاري أيضاً (6444)، في قصة مَشْي أبي ذر مع النبي صلى الله عليه وسلم في حَرَّة المدينة ثم استقبالهما جبل أُحُد فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذرّ! فقال: لبيك يا رسول الله، قال صلى الله عليه وسلم: «ما يسُرُّني أن عندي مِثلَ أُحُد ذهباً تمضي عليّ ثالثةٌ - أي ليلة ثالثة - وعندي منه دينار... إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا - عن يمينه وعن شماله ومن خلفه - ثم قال: «إن الأكثرين هم المقِلّون يومَ القيامة إلا...» الحديث .
فوائد
1- معنى المكثرون هم الأخسرون وفي الرواية الأخرى: هم المقِلّون، قال العلماء: الإكثار هو من جمع المال، والأخسرون أي يوم القيامة لحسابهم على تفريطهم في إنفاق المال لما يَدُل عليه ذلك من تعلُّق القلب بالدنيا... إلا في حالة الإنفاق بكثرة فإنه يدل على الرغبة في الثواب والالتفات إلى أهل الحاجة وإلى مصالح المسلمين التي مِن أعظمها الجهاد في سبيل الله لإعزاز الدين. والأقلون: قال الحافظ ابن حَجَر في «فتح الباري» 11: 266: يعني الإقلال من ثواب الآخرة وهذا في حق من كان مُكثراً ولم يتصف بما دل عليه الاستثناءُ...
2- معنى قال هكذا وهكذا وهكذا: أي فعل، فكنّى عن الفعل بالقول، وهذا له شواهد كثيرة.
3- وقال الإمام النووي في «شرح صحيح مسلم» - 7: 73 -: في الحديث الحث على الصدقة في وجوه الخير وأنه لا يُقْتَصَر على نوع من وجوه البِرّ بل يكون الإنفاق في كل وجه من وجوه الخير يَحْضُر.
فاللهم لا تعلِّق قلوبَنا بالدنيا وارزقنا كثرة الإنفاق مما قسمتَه لنا منها. آمين.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن