"إياكم والتمادُحَ، فإنّه الذَّبْح"!
معنى الحديث وما يُفيده من تحذير خطير!
التمادُح: هو تبادُل المدح والإطراء بين اثنين أو أكثر. والنبي الله صلى الله عليه وسلم يحذَر من هذه الخصلة التي ربما أفضت إلى إعجاب الممدوح بنفسه فيَهْلِك لقوله الله صلى الله عليه وسلم - كما في سنن الترمذي -: «ثلاث مُهلكات...»، وعدّ منها الله صلى الله عليه وسلم: «إعجاب المرء بنفسه»! وأخطر منه أن يطلب هو الثناء وسماع المدح ويتعلّق قلبه بذلك حتى حذّر الإمام الربّاني الفقيه الأندلسي ابن الحدّاد من ذلك واعتبره من أعظم ما يصدّ عن الله عزّ وجلّ لأن المسلم حينئذ تعظُمُ في قلبه شهوة سماع المديح والإعجاب وهي شهوةٌ تُظلم القلب وتُميته، حفظ الله قلوبنا من هذا الداء، فقال رحمه الله: ما صدّ عن الله مثلُ طَلَبِ المَحامد!
وقولُه الله صلى الله عليه وسلم: «فإنه الذبح»: قال العلاّمة المُناوي في «فيض القدير» 129:3: (لِما فيه من الآفة في دين المادح والممدوح، وسمّاه: ذبحاً، لأنه يُميت القلب فيخرُجُ من دينه، وفيه ذبحٌ للممدوح فإنه يَغُرّه بأحواله ويُغريه بالعُجب والكِبْر... وهو مُهْلِكٌ كالذبح فلذلك شُبِّه به). انتهى كلامه رحمه الله.
ومن أخطر وأخصب ميادين التمادُح في أيامنا (الفايس بووك) على بعض فوائده المهمة في الدعوة إلى الله وفي التواصل والتعارف ونَقْل الأفكار، في مقابل العديد من مخاطره الاجتماعية بين الشباب والبنات والنفسية كهذه الآفة والأمنية.
والحاصل أن على المسلم أن يراقب قلبه ويحرص على عافيته وصحته كما أنّ عليه أنْ لا يتسبَّبَ في إهلاك إخوانه وذَبْحهم وقَصْم ظهورهم فقد سمع رسولُ الله الله صلى الله عليه وسلم أحد الناس يمدح آخر فقال له مؤنّباً - صحيح مسلم (3000) -: «ويحكَ! قطعتَ عُنُق صاحبك» كرَّرها مراراً وفي رواية: «أهلكتُم أو قطعتُم ظهر أخيكم»! ولـمّا سمع الصحابي الجليل المقداد بن عمرو أحدَهم يمدح سيدَنا عثمان - وعثمان هو عثمان رضي الله عنه - جَثا وحَثا في وجهه التراب وقال: سمعت رسول الله الله صلى الله عليه وسلم يقول - فيما رواه مسلم في صحيحه (3002) -: «احْثُوا الترابَ في وجوه المدّاحين»! وعلّل الإمام النووي في «شرح صحيح مسلم» 126:18 هذا التحذير قائلاً (النهيُ - عن المدح - محمولٌ على المجازفة في المدح والزيادة في الأوصاف، أو على من يُخاف عليه فتنةٌ من إعجابٍ ونحوِه إذا سمع المدح)، فاللهم احفظ قلوبنا وقلوب أهالينا وإخواننا يارب العالمين.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن