إنها.. السم في الدسم
إنها نشرة الأخبار على قناة إم بي سي... تطل من شاشتها المقدِّمة بثقة بالنفس مزيفة تعرض لنا أخبار العالم ومستجدات الساعة. والكل يتابع كالمعتاد، إلى أن وصلت النشرة إلى نهايتها..
وكما هو معلوم أن الذهن يبني على التجربة الأخيرة، فجاء هذا التقرير ليبني الشك في العقول ويفكك عقد اليقين بالظنون؛ فقالت مقتبسة من الفايسبوك:
"هذه صورة لراهبة والأخرى صورة لمسلمة، كلتاهما ترتديان الحجاب، إلا أن المسلمة تُضطهد لحجابها أما الراهبة فيتقبلها المجتمع بحجابها".
هذا ما نقلته المذيعة من صفحة الفايسبوك - ابتداءً - لتوهمك للوهلة الأولى بأنها من مناصري المحجبات المسلمات فتسلبك جهاز الحذر ومناعة التيقظ لأي كلام بعدها.. فترمي بدورك أسلحة الشك والنقد. وها أنت تستسلم للإيمان بأنه إعلام يساندك في فك الأسر عن معتقداتك...
وبصفعة توقظك على إرادة السوء في نفسها قائلة:
"الراهبة هي امرأة سخرت حياتها لخدمة الدين، فمن الطبيعي ألا تكون عرضة للاضطهاد بارتدائها الحجاب.. فهي شخص غير عادي".
ومنذ ذلك الحين راودني قلمي لأقذف جمرة مما حوى قلبي من نيران أوقدها خبث إعلامي نافخ للكير في نفوس مطمئنة. نعم، استفزتني هذه المذيعة بقناع الموضوعية الرزينة وما تخبئ خلفه من بركان الحقد القلبي والعفن النفسي ضد الإسلام ديناً ومنهجاً وشرعاً.
وكما في مصطلح العامة (الْحق الكذاب إلى باب الدار)، فسألحق بصفوف كلامكم بأن الراهبة لا تُضطهد لأنها بكل بساطة إنسانة غير عادية، ومرادفها إنسانة مميزة.. ولكن كما يعلم الجميع أن المشاهير هم أكثر الناس عرضة للملاحقة والشائعات والاضطهادات.. فهم - في عرف المجتمع - خاصة الناس، فكيف بعد ذلك لامرأة خاصة نذرت حياتها للدين أن تسلم من مضطهدي الحجاب لمجرد أنها خاصة، مميزة، غير عادية؟؟
ثم دعوني أعلِمُكم: إنْ كانت الراهبة عندكم - وفقط الراهبة - إنسانة غير عادية فإن كل امرأة محجبة حجاباً شرعياً هي عندنا غير عادية.. فكلهن مميزات وملكات رصينات.. هكذا نعامل كل النساء دون تمييز ولا تفريق.
كل امرأة عندنا اختارت الحجاب الصحيح هي حكماً -رغم بعض الحالات الشاذة -قد نذرت حياتها لخدمة دينها؛ فهي عندنا مميزة، مميزة بجرأة اختيارها في زمن إعلامكم.. مميزة حين ارتدت حجابها لتخدم مجتمعها. نعم، فلقد أسدت المحجبة خدمة لكم حين حافظت على اتزان الشاب في جامعته وتركيزه في عمله فلم يعد يمشي شارداً ويقود سيارته ورأسه ملتوياً كما تصوره بعض الإعلانات وكأنه كلب يلهث خلف طريدته.. أم أنكم لا توافقوننا بأن خدمة المجتمع من خدمة الدين؟ ومن هنا فتحرير المرأة المحجبة عندنا لعقول الشباب من الشهوات وتفريغهم للعلم والعمل خدمة للمجتمع تستحق الشكر عليها..
إنَّ حرية المجتمع أن يرقى بالفكر والعلم وأن يعلو بأهدافه بعيداً عن التلاعب بالغرائز باسم الحرية... وأن يعيش التوازن النفسي بين الروح والجسد.. وهذا ما حققته كل محجبة فقهت مرامي الحجاب وعقلت مقاصده.
أوَبعد إنجازها تؤيدون اضطهادها لأنها عادية؟ وهل تراها هي العادية أم أنها «غير اعتيادية»؟
سؤال في حساباتكم يحتاج لمراجعتكم.
نانسي خلف
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن