الثقة المفقودة
ذهب مريض عند الطبيب، فتبيّن أنه بحاجة لإجراء عملية صعبة جداً ومستعجلة في الدماغ، ثم أردف الطبيب يقول: «حياتك متوقفة على هذه العملية، هل ستدفع التكاليف؟!» لا شعورياً اندفع المريض قائلاً: سأدفع كل مالي لأنقذ حياتي»!
اسأل نفسك الآن: «هل أنا مستعد أن أُخضع نفسي لعملية في الدماغ؟ عملية فكرية عنوانها منهج الله الذي اختاره لي في الحياة، وأن تكون عندي الثقة الكاملة لأتقبلها، وسأضحِّي بوقتي ومالي وعملي وربما دراستي في سبيل إنجاح العملية التي اختيرَت لي في الحياة؟»...
هل أنت مطمئن إلى أن أمر الله سبحانه وتعالى هو فعلاً خير لك، بل الخير كله؟! أم عندك شك بذلك؟ فالجندي يطيع أمر القائد ويتلهف لسماعه في ميدان المعركة لأن الثقة بقائده كبيرة، وهو مطمئن لقراراته وأفعاله وأحكامه... أختي في الله، فَلْنُسابق الناس نحو أمر الله وطاعته، وليكن في أنفسنا أن الله ما أراد منا إلاّ الخير في اتباعه، لذلك فهم جيل الصحابة الفريد معنى الثقة وأرسوا قواعدها من كتاب الله، قال تعالى: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (الأعراف: 54).
... هي دعوة عامة وصريحة لإعادة العلاقة بين العبد وخالقه، إعادة قَوْلَبتها من جديد في ظل الثقة والاطمئنان لأوامره ونواهيه، لأنه متى وُجِدَت الثقة سهلت الطاعة، ورحم الله القائل في منهج عبادة المؤمنين: «إن الجوارح تعمل... والقلوب تتوكل»...
فَلْنُعِد البوصلة للقرآن، ليس لفهم الدين فحسب، بل لفهم واقعنا ومجتمعنا وأنفسنا أيضاً، ولبناء حضارتنا وقيادة الأمة... ليكن كلام الله بالنسبة لنا هو المنقذ والدليل، وهو الوجبة الدسمة التي نعتاش عليها لنكمل في عمرنا يوماً آخر... ليكن شعارنا: «نحن بحاجة للقرآن، لكلام الله، نحن بحاجة لشريعة الله، نحن نريد حكم الله»... فَلْنُعِد بناء الجسر بيننا وبين الشريعة، وليكن حبلنا موصولاً ولا نقطعه فنهوي ونضيع...
ولنتذكّر أن القلب النظيف ربما تأتي عليه بعض الأوساخ، ولْنبادر - إن تغلّب علينا هوى المعصية - إلى إعادة ميزان الثقة بالله، ولنتذكر قول الحسن البصري: ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل». يا من أراد الجنة بلا عمل: اعلم أنك ضد نواميس الحياة، واعلم أن ثقتك بالله واطمئنانك لكلامه تعالى هو السبيل للجنة. ورحم الله من قال:
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها
إن السفينة لا تجري على اليَبَس
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن