ماذا وراء المشروع؟
أقام الله الدين على وجه الأرض لمقاصد كثيرة، من أهمها عمران الأرض: {.. هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا..} (هود:61).
أي جعلكم عُماراً فيها (من تفسير الطبري)، وحتى نحقق ذلك ينبغي أن نصنع الإنسان المتحضر أولاً، القادر على نقل الحضارة للآخرين ثانياً، لذا كانت هذه السلسلة (صناعة الحضارة) المكونة من 18 حلقة.
صناعة الحضارة تمر بـ 3 مستويات رئيسة، وفي كل مستوى هناك عدد من المحاور، وسوف نقدم للقارئ عدداً كبيراً من التطبيقات العملية لتفعيل هذه المحاور، وأيضاً نحفزهم (للمنافسة) فيها بعمل جماعي منظّم.
وللعلم: صُممت الفكرة لكي تناسب شريحة المثقفين والمؤثِّرين في المجتمع، وصُممت تطبيقاتها لكي تناسب العامة من الناس، وهي الحلقة المفقودة في أغلب الأطروحات الحضارية لدى المفكرين.
في هذا العدد، سنُلقي الضوء على المستويات الـ 3 للحضارة وعناصرها الـ 18 ونقدم نماذج مختلفة من تطبيقاتها، وفي نهاية كل حلقة من الحلقات القادمة إن شاء الله سوف نقدم خطة للمنافسة بين القراء.
مستويات صناعة الحضارة:
صناعة الحياة الناجحة.
صناعة التغيير الفعال.
صناعة الحضارة.
والآن بعض الإضاءات على هذه المستويات الثلاثة:
صناعة الحياة الناجحة
الحضارة هي أسمى صورة للنجاح المجتمعي، والمجتمع يتكون من أفراد. وحتى تتحقق الحضارة يفترض من الفرد أن يكون ناجحاً مع نفسه، من خلال تحقيقه الكفاية في جوانب الحياة الخمسة الأساسية وهي:
1. النجاح الإيماني: يتحقق النجاح هنا عن طريق:
- التسلح بالإيمان: ويحصل ذلك بالنظر في ملكوت الله وإعجاز القرآن وقراءة القصص الإيمانية..
- العمل بالأركان: الالتزام بالقِمة العالية للعبادات من الواجبات والنوافل.
- تجنب العصيان: الابتعاد عن البدع والكبائر والصغائر.
2. النجاح الثقافي: يتحقق عن طريق التثقف في عناصر الثقافة الـ 6 بنوعيها: الذاتي والجماعي:
- عناصر الثقافة الذاتية: القراءة المستمرة + متابعة المجلات العلمية.
- العناصر الجماعية: حضور الدورات التدريبية + المؤتمرات العلمية + العضويات + ملازمة الخبراء.
3. النجاح الصحي: ويتحقق عن طريق الالتزام بمتطلبات:
- الصحة النفسية: تحقيق السعادة والتفاؤل والإيجابية، والتخلص من الغضب والحزن والخوف.
- الصحة البدنية: ممارسة التغذية السليمة + الرياضة المستمرة + الابتعاد عن المخاطر.
4. النجاح الاجتماعي: ويتحقق هذا النجاح عن طريق:
- ممارسة العادات الاجتماعية الإيجابية: فنون الحوار + فنون الإنصات + فنون الإقناع..
- إنشاء مبادرات اجتماعية: (فردية) خطة الارتقاء الشخصي + خطة مناسبات جماعية...
5. النجاح المهني: يهتم باحتراف المهنة التي يمارسها الفرد، وهذا يتحقق عن طريق:
- اكتشاف المهنة الأنسب: اكتشاف الميول والمجال والتخصص والوظيفة الأنسب.
- الارتقاء بالوظيفة: إجادة التحسين والمهارات الفنية والإدارية والقيادية.
صناعة التغيير الفعّال
وهذا هو المستوى الثاني لصناعة الحضارة، والمؤهِّل للمستوى الثالث منها، ويهتم بصناعة فرد فعّال، ويتحقق ذلك عن طريق إحداث تغيير في العناصر الآتية:
1. تغيير القناعات: يهتم بإحلال القناعات والمبادئ الإيجابية للحياة الفعّالة وإزالة القناعات السلبية.
2. تغيير الأهداف: عرض لمحاور الحضارة الـ 18 وإتاحتها للفرد ليختار منها ما يناسب اهتماماته.
3. تغيير القدوات: بعد اختيار الهدف في أحد مجالات الحضارة يتم البحث عن الأعلام والقدوات الأبرز فيه.
4. تغيير المهارات: يتم الاسترشاد بخبرة القدوة لمعرفة المهارات الأهم المسانِدة في تحقيق الهدف الذي تم اختياره.
5. تغيير العلاقات: تلك القدوة ترشد إلى الرفقاء الأنسب لتكوين فِرَق عمل حضارية لتحقيق الأهداف.
صناعة الحضارة
إذا تم تحقيق الكفاية في الجوانب الخمسة وإحداث تغيير في العناصر الخمسة عندها ينتج الإنسان المتحضر المؤهَّل لصناعة الحضارة في أركانها الثمانية، وذلك عن طريق إنشاء فِرَق عمل متخصصة في:
1. الهوية الدينية: سوف تتشكل فرق عمل متخصصة من العلماء تهتم بتعميق العقيدة والعلم الشرعي وتعميق قضايا الإيمان وتوحيد الخالق.
2. القيم الحضارية: سوف تتشكل فرق عمل متخصصة تأخذ على عاتقها إنجاز مشاريع متنوعة لتفعيل قيم إنسانية حضارية عالية من مثل: النظام، النظافة، احترام الوقت، الإبداع، الأمانة، الحرية، الوحدة..
3. الأخلاق الإنسانية: فرق عمل متخصصة تتشكـل من أجل تحقيق الأخلاق الإنـسـانية السامية، تحقق الـسعادة والوئام بين مخـتـلف شرائح المجتمع، وترتقي بالعلاقات الإنسانية في مختلف فئاتها.
4. الـكفاية العلمية: فرق عمل متخصصة من العلماء والباحثين بمختلف التخصصات العلمية من مثل: التكنولوجيا والصحة والهندسة والزراعة والاتصالات.
5. القوة الاقتصادية: فرق متخصصة تشكّل شراكات متعاونة تهدف إلى تكثيف العمل التجاري وتحويل الكفايات العلمية إلى مشاريع ربحية تخدم المجالات العلمية المتنوعة كالسابق ذكرها.
6. القيادة الراشدة: مجموعة من الأفراد يحترفون العمل الإداري والقيادي ويتولَّون على عاتقهم مسؤولية تحسين الأداء الإداري والقيادي في المؤسسات والمنظمات كافة وإعداد التصوُّرات الاستراتيجية.
7. الأدب والجمال: فرق عمل تتخصص في إحياء الجانب الأدبي والفني من أدب وشعر ونثر وقصص، وأيضاً الجمال السمعي والمرئي من الصور والعمارة والزخرفة والألوان.
8. الآداب الرفيعة: إشاعة الذَّوق الرفيع وآداب التعامل مع الآخرين والارتقاء بسلوكيات التحسين الشخصي من مثل ذوقيات الملبس وسلوكيات الأحوال.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن