بَـقِـيَ الثُّـلثُ.. والثُّلثُ كَثيرُ!
كتب بواسطة بقلم: رجاء الجاهوش
التاريخ:
فى : المقالات العامة
2484 مشاهدة
بالأمسِ القَريبِ كانَ القلبُ يُردِّدُ مُبتهِجًا:
وعُدتَ اليومَ يا (رمضان) بالبُشرى.. فطابَ العَوْد
وعادَت جنَّة القرآنِ والإيمانِ.. عادَ السَّـعد
وهبَّت نَسمة التَّوحيدِ حامِلةً حَديث الوَجد
فتنظمه كنظمِ العِقد.. تنثره كنَـثْـرِ الوَرد
وبالأمسِ القريبِ استوقفني ذلك العنوان: "مَضى الثُّـلثُ.. والثُّـلثُ كثيرٌ!" لخاطرة طيِّبة ناصِحَة.
فقلتُ في نفسي: إي وربِّي كَثير..!
عَشرةُ أيَّامٍ بلياليها، وساعاتها، ودَقائقها، ولحظاتها مرَّت وانقَضَت، والنَّفس بين إقبالٍ وإدبارٍ!
أحقًّا بِـتْـنا عَلى عَتَبَـةِ العَشرِ الأواخِر؟!
فيبتسمُ القَمَر، ويخيَّل إليَّ أنَّـه يُجيبني: ألا تَلحَظينَ بَدْرِيَ الذي يَذوي شيئًا فشيئًا ليَعودَ هِلالا كما بَدأ؟!
فأناجيه - وأنا على يَقين أنه عَبدٌ مَأمور: إلى أينَ السَّـفر؟!
تَمهَّل؛ اُمكث في سمائِنا.. لا تَرحَـل!
- الرَّحيل مُقدَّر، وما قدَّره الله كان.. فرفقًا بنفسكِ، وطوبى لِمَن تنبَّه مِن غَفْلَةٍ فسـارَعْ.
- لَمْ يَبْـقَ إلا الثُّـلث..!
- والثُّلثُ كثيرٌ.
- كثيرٌ..!!
- نعم؛ أليسَ فيه ليلة القَدرِ؟!
- بلى..
قال عليه الصَّلاة والسَّلام: "مَنْ يَقُمْ ليلةَ القَدْرِ، إِيماناً واحْتِساباً، غُفِرَ لهُ ما تَقدَّمَ مِنْ ذَنْبِه" (صحيح البخاري)
- سبحانه وتعالى..! أيغفر كلّ ما سَبَق بقيامِ ليلةٍ واحدةٍ فقط؟!
- إنَّها ليلة مُختلفة.. قال قتادة – رحمه الله - : إنَّ الله اصطفى صَفايا من خلقه: اصطفى من الملائكة رسلاً ومن النَّاس رسلاً، واصطفى من الكلام ذكره، واصطفى من الأرض المَساجد، واصطفى من الشُّهور رمضان والأشهر الحُرُم، واصطفى من الأيَّام يوم الجُمعة، واصطفى من الليالي ليلة القَدْر، فعظِّموا ما عظَّم الله، فإنما تعظم الأمور بما عظَّمها الله عِند أهل الفَهم وأهل العَقل".
- ما زالت في القلبِ أنَّـة، والخَوف يملأ الحَنايا..!
- قال الله تعالى: (يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) (الرعد:39).
ولنا في أميرِ المؤمنين أسوَة حَسنَة...
فقد طافَ عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالبيتِ، ثمَّ دعا وهو يَبكي: (اللَّهم إن كنتَ كتبتَ عليَّ شِقوةً أو ذنباً فامحُـه، فإنَّـك تمحو ما تشاءُ وتُثبِتُ، وعِندكَ أمّ الكتاب، فاجْعَله سَعادةً ومَغفرةً). - اللَّهم إن كنتَ كتبتَ عليَّ شِقوةً أو ذنباً فامحُـه، فإنَّـك تمحو ما تشاءُ وتُثبِتُ، وعِندكَ أمّ الكتاب، فاجْعَله سَعادةً ومَغفرةً.
سادَ صَمتٌ مَهِيب، قَطعتُهُ بطلبِ المَزيد...
- زِدْني، زادكَ الله مِن فضله.
- اخلِصي؛ اصْفَحي الصَّفح الجَميل؛ أقبِلي على الله بقلبٍ سَليمٍ؛ فالله سبحانه وتعالى يَغفرُ لكُلِّ مُسْلِمٍ إِلاَّ لِلْمُتشاحِنَـيْنِ، يُقال: "اترْكُوهُما حتى يَصْطَلِحا !".. واعلمي أنَّ القبولَ ليسَ لِمَن سَبَق، وإنَّما لِمَن صَـدَق.
- نَعَم، إنَّـه لِمَن صَـدَق.. لِمَن صَـدَق!
- سَأودِّعك.
- لا.. لا تَقلْ وَداعًا، بَل إلى لقاءٍ قريبٍ إن شاء الله.
- غابَ القمَر، وتسلَّـلَت خيوطُ فجرٍ جديدٍ مُعلنةً بِدْءَ السِّباق، هاتِفةً: ألا هَل مِن مُشَمِّـرٍ مُجـدٍّ..؟
- ألا هَل مِن مُشَمِّـرٍ إلى الجنَّـة..؟ إلى جنَّـة عَرْضُهَا السَّمَاوَات وَالأَرْض.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن