كاتبة
"عيد الحب".. "قدّيس" أم إله؟!
كتب بواسطة ريما حلواني
التاريخ:
فى : المقالات العامة
753 مشاهدة
يهلُّ علينا الشهر تلو الشهر، والسنة تلو السنة والمناسبات والأعياد تُمطرنا بأجواء من الاحتفالات التي لا تنتهي. فلا يكاد يمرّ في أيامنا هذه شهرٌ دون عيد من الأعياد! فتارة عيد رأس السنة، وتارة عيد العمال، وتارة أخرى عيد الأم، فعيد الأب إلى غيرها من الأعياد المبتدَعة التي لا تنفك تتزايد وتنتشر دون أصل لها في ديننا الحنيف.
وقد وصلت تلك الأعياد المبتدَعة إلى ديار المسلمين، مُنسِجةً طقوساً غريبة ومناسبات جديدة لم يَسُنّها الإسلام: لا القرآن ولا السُّنة. فها هم المسلمون اليوم يحتفل الواحد منهم مرة في السنة بما يسمى "بِعيدِ ميلاده" إلى جانب غيرها من الأعياد الدخيلة على ديننا.
إن الله عز وجل شرّع للمسلمين عيدين في السنة هما عيد الفطر وعيد الأضحى. وقد روى أبو داود والنسائي وغيرهما بسند صحيح عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلّم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: "قد أبدلكم الله تعالى بهما خيراً منهما: يوم الفطروالأضحى".وإذا ما أمعنّا النظر بمعنى هذين العيدين لوجدنا ارتباطهما الوثيق بالطاعة، فلا عيد عند المسلمين لا يسبقه طاعةٌ لله عز وجل وقُربةٌ منه. فكل يوم فيه طاعة هو عيد. فقد كان الحسن البصري - رحمه الله - يقول: "كل يوم لا أعصي الله فيه فهو عيد".
وقد تغير مفهوم العيد لدى كثير من الناس عندما أدخل المشركون أعياداً وثنية وأخرى لأهل الكتاب من اليهود والنصارى ترجِع إلى أحبارهم ورُهبانهم كعيد ما يسمى بـ "القديس" أندراوس و"القديس" ميكائيل وغيرهما.
وللأسف فإن كثيراً من المسلمين اليوم لا يدركون خطورة اتباعهم لأعيادٍ غير أعيادهم ولطقوسٍ بعيدةٍ كلَّ البعد عن معنى شعائرهم، مع أن إيمان المسلم بما أُنزل على رسوله عليه الصلاة والسلام كفيل بتعريفه بأفضل الهدي وأكمله، هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
وإن من تلك الأعياد التي دخلت بيوت المسلمين واستحوذت على قلوب أبنائهم وبناتهم ما يسمى بـ "عيد الحب"، الذي يرجع اسمه الأصلي إلى "عيد القديس فالانتين". وكثيرون مَنْ يجهلون ارتباط هذا العيد ارتباطاً وثيقاً بأبعادٍ وثنية وعقائد محرَّفة. فبعضهم من يعتبر أن "عيد الحب" يرتبط بقديس يُدعى فالنتين، وبعضهم الآخر من يظن أن هذا العيد يرجع إلى أعياد الرومان الذين جعلوا للنور إلهاً وللظلام إلهاً وللنار إلهاً، وكذا للشمس والماء والبحار والأنهار، فلا عجب أن يجعلوا كذلك للحب إلهاً! وهنا تكمن الخطورة في تقليد المسلمين لأعيادٍ يُشرك أهلها بالله عزّ وجلّ (وما من إله إلا الله) [آل عمران:62] فيجعلون مع الله إلهاً آخر، أو يعظمون قسيساً من قساوستهم أو راهباً من رهبانهم أو حَبرا من أحبارهم.. الخ
وأما مظاهر هذا العيد فتتلون باللون الأحمر الذي يعطيه أصحابه رمزاً للحب، غير أنه في الحقيقة رمز للفحش والرذيلة وهدف لإشاعة الاختلاط بين الرجال والنساء والشُّبّان والبنات. الذين جعلوا الزهور الحمراء أو الدُّبَّ الأحمر، أو بعضَ كلماتٍ على بطاقاتٍ ملونة بالقلوب جُلَّ معاني هذا العيد. وكل ذلك يُبعد المرء عن هدي ديننا ورسولنا وسلفنا، ويُشغل القلوب بتوافه الأمور وبالمعاصي والرذائل التي تبعد الإنسان عن ذكر الله وعبادته والالتزام بشرعه وترك نواهيه.
وإن المتشدّقين بِحِلِّ الاحتفال بهذا العيد بين المتزوّجين لخاطئون أشد الخطأ. أولاً، لأن هذا العيد كما أسلفنا هو عيد يرتبط بغير دين المسلمين، أو يعود إلى إله من آلهة الرومان يدعى إله الحب، فهذا إشراك بالله عزّ وجلّ، وتخبّطٌ في فهم العقيدة الإسلامية والشريعة السمحاء. وثانياً، لأن الأصل في الزواج أن يكون قائماً على السكينة والمودة والحب، كما يقول الله عز وجل: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) [الروم: 21]، ولا تقتصر هذه العلاقة القائمة على الفهم المتبادل والمودة والرحمة والتعاون على يوم واحد من أيام السنة هو الرابع عشر من شباط من العام الميلادي! إنما هي منهج حياة كاملة قائمة على إقامة أمر الله في إتيان حقِّ الزوج والزوجة.
على صعيد آخر تُطالعنا وسائل الإعلام اليوم بأحدث البرامج وأقواها تأثيراً على عقول الشباب والشابات للاحتفال بهذه المناسبة وغيرها من المناسبات التي تجد من خلالها فرصة سانحة لكسب الأموال وجني الأرباح من الإعلانات التي تروج لها في مناسبات كهذه. بينما يُتابعها الشباب دون وعي أو إدارك للمآرب التي تُحاك لهم، وللمصايد التي تُحضَّرُ للنيل من دينهم وأخلاقهم. فها هي الفضائيات اليوم أول من يروّج لما يسمى بعيد الحب لتجعله في قائمة أولوياتها، وتضحك به على عقول السُّذج من الناس.
إن ما يجب أن يَعيه المسلمون بكلِّ فئاتهم وأعمارهم أن ما يُحاك للإسلام عظيم وخطير لا يمكن التصدي له إلا بالتمسك بأوامر الله عزّ وجلّ وتوعية المسلمين من أخطارٍ قد لا يجعلونها في حُسبانهم، رغم أنها من أشدِّ البلايا في دينهم، والتي قد يكونون أحدَ أهم أسباب الترويج لها وإشاعتها بين المسلمين. وإن ما يجب أن يعيه المسلمون أيضاً أن هذا العيد الذي يحمل في ظاهره معاني الحب والسماحة وفي طيّاته معاني البغض والإفساد للعقيدة الإسلامية يَحرُمُ عليهم الاحتفال به أو التشبّه بأصحابه من شراء هدايا أو تحضير أطعمة خاصة أو شراء ما يتعلق بهذه المناسبة، أو حتى البيع والاتّجار بكل ما يتعلق به. وهذا ما قرره جميع أهل العلم الثقات.
يبقى أخيراً التأكيد على دور علماء المسلمين ومفكريهم وإعلامهم الإسلامي في وجوب إظهار خطر هذا العيد وغيره من الأعياد المبتَدعة والدخيلة على معتقد وعادات أبناء المسلمين، والتي لا تمت إلى ديننا بصِلة، لا من قريب ولا من بعيد. وهذه ليست إلا فتناً ومواضعَ ابتلاء ظهرت بين المسلمين فمنهم من يتّبعها كالإمعة، ومنهم من يرفضها ويحاربها دفاعاً عن شريعة الله سبحانه وتعالى.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن