الثورة السورية... وقانون الثورات
لقد جاءت الثورة السورية على قَدَر... سينكشف سرُّه المُذهل عندما يقدِّر الله أيضاً!
كانت كل التحليلات ودراسات استشراف المستقبل ومراكز الرصد والدراسة والتحليل للواقع الاجتماعي والسياسي في سوريا تكاد تكون مُجمعةً على استحالة امتداد (رياح الثورات) إليها نظراً لعدة اعتبارات مهمة:
أولها: طبيعة النظام الوحشية القاسية... وثانيها: طبيعتُه الأمنية المغلقة... وثالثها: تَلَطّيه وراء شعار (المقاومة والممانعة)... وهذا التلطِّي له قصة طويلة ومعقّدة لا يتفكّك تعقيدُها إلا بتجرُّد وبُعد عن العمالة للنظام وبقراءة منصفة تاريخية تبدأ من حقيقة (تسليم الجولان والقُنَيطرة) لليهود بأداء خياني بامتياز كَشَف عن حقائقه المذهلة والخطيرة الضابطُ الكبير السوري خليل مصطفى في كتابه ((سقوط الجولان)) وقد كان شاهد عيان في الجبهة!... ورابعها: شبكة المصالح الاقتصادية التي حَبَكها بدهاء مع كبار التجار ورجال الأعمال السوريّين خاصّة في حلب ودمشق على قاعدة تبادل المنافع مقابل التغرير بهم لحماية النظام والدفاع عنه.
وأخيرُها وأخطرها: دورُه الوظيفي الذي جيء به لأجله وهو حماية الكيان الصهيوني...
ومع كل ذلك قدّر الله عزّ وجلّ أن تنبعث الثورة ويشتعل فتيلُها وينتشر شَرَرُها في كل المدن وإن كان يتفاوَتُ حدّة واشتعالاً بين مدينة وأخرى...
ولقد أثبت الشعب السوري عَظَمَتَه وإباءه: بعِنادِهِ على المُضيّ في ثورته إلى أن يسقط النظام بكل رموزه وهيكلته، وكذلك بشعاراته الرائعة التي رفعها ولقد سطّر حقاً ـ خاصة شبابَه ـ على امتداد (14) شهراً أنه مبدع في أفكار الشعارات ومعانيها، وفي كلماتها وصياغتها، كما أنّه عظيم في تميُّزِهِ باعتزازه بإسلامه، وقوة اندفاعه بإيمانه، ووضوح ابتغائه مرضاةَ ربه والشهادةَ في سبيله.
وإذا اهتم عدد من عباقرة الكُتَّاب الغربيين باستكشاف قوانين الثورات بعدما خاضتْ بلادُهم بين القرن الثامن عشر والعشرين تجارب عدة ثورات، ومن أهمها كُتُب الفيلسوف الفرنسي لوبون: "روح الثورات" و"سرّ تطوّر الأمم" و"سيكولوجية الجماهير" وكتاب المؤرخ الضليع كران برنتن "تشريح الثورة"، وكتب المؤرخ الأمريكي العجوز الشهير جين شارب الذي وُصف بأنه الخبير الأول على مستوى العالم في الثورات السلمية...
إلا أنّ القرآن العظيم يبقى هو المُلهِم الأساس للمسلمين: ليثوروا على الظالمين ويحاربوا الاستبداد... كما أنه المُلهِم الأساس للقوانين الكبرى للتغيير... وهذا لا ينفي أهمية الاستفادة من تجارب الآخرين ومن أفكار أولئك الكُتّاب وتحليلاتهم الذكية وتراكُم خبراتهم وما أفادوه في رسم دليل عملي للشعوب في خطواتها الحركية الجماهيرية عندما تقرّر أن تثور، بل من المفيد جداً أن يطلع عليها أذكياء شباب المسلمين الراسخين في وعيهم القرآني ومعارفهم الشرعية. وكلنا أملٌ بوعد الله ورجاءٌ لفضله سبحانه وتعالى أن تنتصر الثورة في سوريا مقدِّمةً لدور بلاد الشام المنتظر ومن ورائها الأمة بأجمعها ـ رائدتُه سوريا ـ في خوض الجهاد في سبيل الله لتحرير فلسطين من رِجْس اليهود، وما ذلك على الله بعزيز، وصدق الله العظيم: (والله غالبٌ على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون).
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن