أربع إنجازات للحكومة النبوية
ربما لا يعرف الكثيرون البَرنامَج السياسي الذي طَرَحه النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومشاريعَه والإنجازات التي استطاع تحقيقها في حكومته.
ولو قلنا: إن أهم إنجازاته كانت هي:
1. تحقيق قِمة الأمن الاجتماعي الممكن للمواطنين؛ مسلمين وغير مسلمين.
2. تحقيق الرخاء الاقتصادي الأمثل بعيدًا عن الحِرمان أو الجَشَع لكل مواطن.
3. تحقيق مكانة الرِّيادة للدولة والأمة الإسلامية بين الأمم.
4. تحقيق كرامة الإنسان العاقل وتحريره من التبعية الكاملة لأحد غير خالقه.
ربما يستغرب الكثيرون هذا الادعاء حتى من أبناء المسلمين الذين سلّموا -دون مناقشة أو دليل- بـ "العلمانية" وأن الدين مفصول عن الحياة، ويظنونه أنه ادعاء بلا رصيد (فلا أَحَد ينادي على زيتاته "عكرين")! ولكني سأكشف رصيدَه بالتوثيق والأرقام في هذه العُجالة على سبيل النموذج والمثال لا الحصر:
1. الأمن الاجتماعي: عندما يقوم نظام حكيم عادل هو الإسلام؛ من التربية إلى الرعاية والسير على الأنظمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية من عند الخالق العليم، والعقوبات الرادعة يمكن الملاحظة بالمقارنة: تقع في أمريكا USA سرقة كل 3 ثوانٍ (سنة 1979)، واغتصاب 1900 امرأة (بالإكراه) كل يوم (سنة 1992م).
بينما في فترة حكم المَلِك عبد العزيز (ورغم أن السعودية لا تطبق الإسلام كاملاً) في 24 سنة قطعت أيدي 16 سارقًا فقط! أما في أول 400 سنة من الحكم الإسلامي على امتداد دولته فقطعت 6 أيدٍ للسارقين!! وأما نسبة الجرائم إلى عدد السكان بين سنة 1971 و1972 فكانت في:
1. أوستراليا: 0075.00 بالألف
2. الدانمارك: 0060.52 بالألف
3. ألمانيا: 0041.71 بالألف
4. مالي (94% مسلمون): 0000.33 بالألف
5. إندونيسيا (94% مسلمون): 0001.47 بالألف
6. السودان (75% مسلمون): 0002.50 بالألف
أظن أن الفروق واضحة!
2. الرخاء الاقتصادي: في النظام الإسلامي شبكة من الرعاية لحاجات الناس وتأهيلهم وتأمين فرص العمل، ومنع الاستغلال والرشوة بمراقبةٍ من الله وبمتابعةٍ من عباده... وتحقيق التكافل وتوزيع الزكاة الإلزامية 2.5% من الأرصدة و10 أو 5% من المزروعات بالإضافة إلى الصدقات الاختيارية... وقد بلغ ذلك الرخاء قِمّته -كما بشّر به النبي محمد صلى الله عليه وسلم- في خلافة عمر بن عبد العزيز سنة 100هـ حيث لم تكن الدولة ولا الأفراد يجدون مَن يقبل مِن أحدٍ ما يَملأ الكف من الدنانير الذهبية أو الدراهم الفضية من الصدقات؛ أولاً لأنهم مُكْتفون، وثانيًا لأنهم أصحاب قَناعة تربَّوا على العفة. فهل رأيت أو سمعت بمجتمع مثل هذا في غير الحكومة الإسلامية؟
3. الدَّولة الرَّائدة: فقد انطلقت الدولة النبوية في المدينة المنورة يوم الهجرة ليُراسل قائدُها محمد صلى الله عليه وسلم هرقلَ مَلِكَ الروم، وكِسرى مَلِك الفرس وغيرَهما من ملوك ذلك العصر يدعوهم لاعتناق الإسلام عقيدةً ولتطبيقه شريعةً، فلم يَسْتجِب أولئك الحكامُ وتمرّدوا على أمر الله باتّباع خاتم أنبيائه عليهم السلام. ولم يَمُرَّ على قيام تلك الحكومة النبوية إلا ربعُ قَرْنٍ حتى خضعت تلك الدولتان العظماوان للنظام الإسلامي فانتهى بذلك مسلسل الظلم والاستبداد. وكان عَدِيُّ بن حاتم الطائي فيمن فَتح كنوزَ كسرى وحَمَلها إلى عمر الذي كان في ثوبه بضعة عشر رقعة، لا لِيضعها في خزانته الخاصة، بل في بيت مال المسلمين لِيوزِّعها عمر على رَعِيّته من المسلمين وغيرهم. ولا زالت العزة والقوة حَليفةَ الحكومات التي تحمل تلك التعاليم النبوية كما درس ذلك العلامة أبو الحسن الندوي في كتابه "ماذا خَسر العالم بانحطاط المسلمين" وكما نشاهد العزة عند مَن يحمل تلك التعاليم -ولو لم تكن لهم حكومة بعد- في جينين فلسطين وفي فلوجة العراق وغيرهما.
4. تَحْرير الإنسان: وهذه أهم تلك الإنجازات حيث اعتبر الإسلام تعطيلَ العقل والاتّباعَ المطلق لأيّ إنسان (رجلَ دين كان، أو زعيمَ حزبٍ وسياسةٍ، أو قانونيًّا أو مصممَ أزياء أو نافذًا أو متموِّلاً...) -ذلك الاتباع الأعمى- إهانةً للإنسانية وكفرًا بالله الخالق يُسبِّب لصاحبه الذلَّ في الدنيا والخلودَ في النار يوم القيامة. فالمسلم هو من يعتنق دينَه عَبر اليقين العقلي، ويَسْلُك حياتَه بمقتضاه مُبْصِرًا لا يَستسلم إلا لربه.
وختامًا: لا بد أن أُقِرَّ بأن هذه الإنجازات التي ذكرتها هي الوعود التي أطلقها النبي محمد صلى الله عليه وسلم لعَدِيّ بن حاتم الطائي في السنة السابعة للهجرة (كما في قصة إسلامه في صحيح البخاري وغيره) ويمكن لهذه الإنجازات أن تتكرر إذا حَمَلنا الدين الذي أنتجها سابقًا، فأين دورنا في ذلك؟!
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن