الخطاطة فخر النساء شهدة
لا يمكن نسـيان فضل المرأة في مجال الاهتمام بالخطّ العربي. وقد سجّل لنا التاريخ أسماء بعض الخطّاطات كان لهن دور حقيقي في حيوية هذا الفن وإبراز جماله وتطوّره، ومنهن: فخر النساء شهدة بنت أبي نصر أحمد بن الفرج بن عمر الدينوري ثم البغدادي الإبري.
نسبها
ولدت فخر النساء شهدة في بغداد سنة 482هـ، قال عنها الإمام الذهبي: بنت المحدِّث أبي نصر أحمد بن الفجر الدينوري الإبَرِيّ 'نسبة إلى عمل الإبر، وهو من مشاهير بغداد، ومحدثيها...
وأبوها كان له تأثير واضح على شهدة؛ فقد أسمعها الحديث وهي بنت ثماني سنوات، بل وقد أجيز لها وهي في أقل من هذه السن، وبفضل دعائه لها، وبركته - كما كانت تقول- وعت وسجلت كثيراً من السماعات في مشيختها في تلك السن. وما زالت تَسْمَعُ وتُسْمِعُ إلى أن توفيت سنة 745، وقد قاربت المائة.
مكانتها
كانت من أبرز علماء الحديث، وسمع عليها خلق كثير منهم: ابن عساكر، وابن الجوزي، وعبد القادر الرهاوي، والشيخ الموفق.
أثنَى عليها العلماء، قال ابن نقطة: سماعها صحيح. وقال الشيخ الموفق: انتهى إليها إسناد بغداد، وعُمِّرَت حتى ألحقت الصغار بالكبار "أي: بأسانيدها العالية". وقال الإمام ابن الجوزي: عاشت مُخالطة العلماء. وقرأ عليها الحديث سنين. ولقّبها الإمام الذهبي ب"مسندة العراق" وابن الدبيثي ب"أسند أهل زمانها". وقال ابن العماد: "المُسْنِدَة، فخر النساء، كانت ديِّنَة عابدة صالحة، سمّعها أبوها الكثير، وصارت مسندة العراق". ومن مكانتها عند العلماء أنهم اعتمدوا عليها في رواية الكتب.
وكانت تجيز الرجال، ومنهم الإمام العدل المحدث ظهير عبد الرحمن بن علي بن عثمان بن يوسف المخزومي المغيري المصري.
قال الإمام ابن الجوزي عنها: قرأت عليها، وكان لها خط حسن، وتزوجت ببعض وكلاء الخليفة، وخالطت الدور والعلماء، ولها بر وخير، وعُمِّرت حتى قاربت المِائة.
اهتمامها بالخط
تعلّمت الخط من أحد تلاميذ ابن مُقلة وهو من أشهر خطاطي العصر العباسي، وهو أول من وضع أسساً مكتوبة للخط العربي. وكتبت شهدة على طريقة الخطاطة فاطمة بنت الحسن بن علي البغدادي العطار، أم الفضل، الكاتبة المعروفة ببنت الأقرع، وما كان في زمان شهدة من يكتب مثلها. وعلّمت شهدة عدداً كبيراً من هواة الخط. ومن تلاميذها الأديب ياقوت الحَمَوي. لذلك سميت بشهدة الكاتبة.
زواجها
تزوج بها أبو الحسن علي بن محمد بن يحيى الدريني المعروف بثقة الدولة ابن الأنباري، قال عنه ابن النجار: كان من الأماثل الأعيان، وكان فيه أدب ويقول الشعر، وبنى مدرسة لأصحاب الشافعي على شاطئ دجلة بباب الأزج وإلى جانبها رباطاً للصوفية ووقف عليهما وقوفاً حسنة، وسمع الحديث. قال السمعاني: كان يخدم أبا نصر أحمد بن الفرج الإبري وزوّجه بنته شهدة الكاتبة، ثم علت درجته إلى أن صار خصيصاً بالمقتفي. مولده سنة خمس وسبعين وأربعائة، وتوفي يوم الثلاثاء سادس عشر شعبان سنة تسع وأربعين وخمسمائة، ودفن في داره برحبة الجامع، ثم نُقل بعد موت زوجته شهدة فدفنا بباب أبرز قريباً من المدرسة التاجية سنة أربع وسبعين وخمسمائة".
وفاتها
توفيت ببغداد في محرم سنة أربع وسبعين وخمسمائة، في ليلة الاثنين رابع عشر المحرم كما أرَّخ ذلك لها تلميذها أبو الفرج ابن الجوزي، وقال: وصُلِّى عليها بجامع القصر، وأزيل شباك المقصورة لأجلها، وحضرها خلق كثير، وعامة العلماء، ودفنت بمقبرة باب أبرز.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة