المرأة القيادية في حوار مع د. سمر السقاف
ضيفتنا في سطور
طبيبة أُمّ لابنة طبيبة وأربعة أولاد أحدهم يكمل دراسة الطب.
حاصلة على درجة الدكتوراه في علم التشريح والأجنة - بتقدير امتياز - من جامعة الملك سعود (1417هـ/1996م).
مشرفة على قسم التشريح ابتداءً من 11/1428هـ وحتى تاريخه.
أستاذة مشاركة بقسم التشريح بكلية الطب – جامعة الملك عبد العزيز.
عميدة قسم الطالبات بجامعة الملك عبد العزيز من (1424هـ - 1428هـ).
وكيلة كلية الطب (1420هـ - 1424هـ).
رئيسة اللجنة النسائية للعام (1426هـ - 1428هـ) بالنادي العلمي السعودي.
رئيسة وأمينة المجلس الاستشاري النسائي للتوطين والتوظيف بمنطقة مكة المكرمة (1425هـ).
عضو في العديد من اللجان الاجتماعية.
انتُدبت مؤخراً لمهمة الإشراف على الأطباء السعوديين في أمريكا.
لها عدة مؤلفات منفردة وبالاشتراك مع غيرها.
الجوائز الحاصلة عليها:
- حصل مكتب العميد في فترة عمادتها على شهادة الأيزو.
- تم ترشيحها لجائزة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للإدارة العربية في فئة: «المرأة الإدارية العربية المميَّزة» لعام 2007م.
- حصلت ثلاث مرات على جائزة أحسن طبيب مقيم من جامعة الملك سعود للتفوق العلمي عن السنوات (1412هـ، 1415هـ، 1416هـ).
أثبتت المرأة جدارتها في عدد من الميادين التي تناسب تكوينها وطبيعتها وشغلت فيها مواقع قيادية، وبأنها قادرة على توظيف قدراتها بتميّز إن هي ربطت تفوقها بمنهج الله ومنحته الصبغة الإسلامية الكفيلة بأن تحوّله من نجاح في الدنيا فقط إلى فوز وفلاح في الدنيا والآخرة. ورغم ذلك ثمة مَن يشكّك بقدرتها على القيادة، ولهذه النظرة أسباب: فهل هي فكرة الرجل الذي يخاف من تفوق المرأة عليه؟ أم إنها نابعة من نمط في التفكير تتحكّم بعقليات أبناء المجتمع الشرقي؟ أم إن ذلك يعود لقصورٍ في أدائها وعجزٍ عن القيام بتَبِعات هذه المهمة؟... فهل القيادة حكر على الرجال؟ وهل استطاعت المرأة أن تثبت أهليتها لهذا الموقع؟ وما هي الصفات التي تؤهلها لذلك؟ والعقبات التي تواجهها؟ ولماذا لا يكون الحديث عن الأم القيادية؟ والداعية القيادية؟ وهل تستطيع المرأة الجمع بين متطلّبات القيادة وواجباتها الزوجية والأسرية؟ أسئلة كثيرة... الإجابة عنها جاءت في سياق حوارنا الشائق مع الدكتورة سمر السقاف، فإلى الحوار:
1. «منبر الداعيات»: المرأة القيادية: ما الذي يميّز شخصيتها عن غيرها؟ وما الذي يؤهِّلها لهذا الموقع؟
أن تعرف أهمية العمل الجماعي، وأن تقود فريقها إلى النجاح؛ تحب لغيرها ما تحب لنفسها، تكون جريئة وقادرة على اتخاذ القرار الصائب في الوقت المناسب, لديها روح المبادرة لأنّ المبادرين يدركون أهمية الفرص ويقتنصونها. أما عن مؤهلاتها، فينبغي أن تكون: متعلمة، مثقفة، تدرك المتغيرات التي حولها، لديها خبرات في مهارات الاتصال وفهم الشخصيات التي تتعامل معها، تدير الوقت بفعالية، وأيضاً على معرفة بالتخطيط الاستراتيجي ومفاهيم الجودة الشاملة وإدارة المشاريع.
وهناك شخصيات قيادية بطبيعتها صَقَلتها الخبرة ومواقف الحياة المختلفة، ولكن أؤمن بأهمية ربط الخبرة والمعرفة بالعلم المتخصص.
2. «منبر الداعيات»: من خلال تولّيكِ للعديد من المواقع القيادية، برأيك: ما الذي يتطلّبه موقع القيادة من صفات شخصية واجتماعية ينبغي أن تتوافر في المرأة القائدة؟
لا تختلف صفات القيادة بين الرجل والمرأة؛ القيادة تحتاج لشخص مسؤول يتمتع بالإنسانية والرحمة، لديه ذكاء اجتماعي، وهذا علم يدرَّس الآن وتُجرى له الاختبارات والتدريبات اللازمة. وعلى القائد أن يستعمل علاقاته الاجتماعية لمصلحة المؤسسة أو المصلحة التي يقودها. وأيضاً من أهم صفاته: الكرم والمصداقية، فلن يتبعه أحد إن لم يَصْدُق في أهدافه ووعوده... وهناك قيد مهم: أن تكون أهدافه وأجندته متفقة مع فريق عمله، أما إذا كانت له أجندته الخاصة به فالفشل سيكون حليفه.
3. «منبر الداعيات»: ما أبرز المشكلات التي واجهتكِ في المناصب التي تقلّدتِها؟ وممّ تحذّرين بنات جنسك في المواقع القيادية؟
الحمد الله أنني كنتُ أجد الحلول للمعوِّقات والصعوبات التي كانت تواجهني، فالتخطيط الجيد وبناء الأهداف بجودة عالية يقلِّل من الأخطاء، وأيضاً استمرارية القياس والتقويم والتحليل لجميع المؤشرات والخدمات المقدمة يعطيكِ صورة واضحة للوضع الحالي، وأيضاً يسهل عليكِ توقُّع مؤشرات النجاح للمستقبل. المهم أن نفهم مَن حولنا ونحاول أن نحقق المساواة والعدل بين موظفينا من ناحية الأجور والمستحقات والترقيات، وأيضاً نحقق للمستفيدين أفضل خدمة يتوقعونها، وهذه المعادلة صعبة ولكنها ليست مستحيلة إن وُجد التوكل على الله والثقة به والعزيمة والإصرار. وأحذِّر مَن هنّ في موقع القيادة من داء الكِبْر أو الغرور الذي يقتل صاحبه، والاعتقاد أنّ النجاح صنيعة أيديهنّ... بل عليهن الاعتقاد بأنّ النجاح صنعه فريق العمل بعد توفيق الله.
4. «منبر الداعيات»: كيف نربي البنات على القيادة؟ ومَن يأخذ هذه المهمة على عاتقه؟
الشخصية القيادية هي حصيلة قيم ومبادئ تُزرع في الإنسان ويحصل عليها خلال حياته ثم يَصْقلها بالمعرفة والمهارات التي يكتسبها، وأيضاً الخبرات والتجارب التي مرّ بها. فالمهمة مشتركة بين الأســـــرة والمدرســـة وأيضاً المجتمع، وهناك دول حرصت على هذه المسئولية المشتركة وتبنت برامج لإعداد القادة مثل سنغافورة ودبي.
5. «منبر الداعيات»: وكيف تُعَدّ المرأة القائدة بشــكــل عـام والــــداعــيـة القيادية بشكل أخص؟ ومــا التــوصيــات التــي تقدِّمينها للمؤسسات الدعوية والجمعيات الإسلامية بهذا الصدد؟
أرجو أن تركز المؤسسات الدعوية والجمعيات الإسلامية على إعداد أمهات واعيات ومثقفات ومسلحات بالدين والعلم، وأن نبني أسرة متماسكة منفتحة متسلحة بالعلم الشرعي والدنيوي، وأيضاً آنَ لنا أن نخطِّط لأكاديميات للقادة مُعَدّة بشكل علمي مدروس لتأهيل مَن لديهم السِّمات القيادية ليس فقط لنَقود مؤسساتنا بل لنقود العالم، وأن تتخصص لإعداد قادة شرعيين أو اجتماعيين أو سياسيين أو علماء...
6. «منبر الداعيات»: بعض النساء ممن هنّ في مواقع قيادية يرفضن تدريب غيرهن خوفاً من التفوق عليهن أو «احتلال» أماكنهنّ: فما النصيحة التي تتوجهين بها إليهن؟
زكاة العلم نشره.. إذا وعينا جميعاً أنّ العلم يجب أن يُنشر وأن التدريب هو أداة من أدوات نشر العلم فلا يجوز لأحد أن يكتم علماً علّمه الله إيّاه، والمناصب والأماكن ليست حكراً على أحد، فكما جاءني المنصب سيأتي لغيري، المهم أن تعمّ الفائدة والخبرة الأمة كلها، بل الإنسانية جمعاء لأن ديننا دين الإنسانية.
7. «منبر الداعيات»: من خلال تجربتك: هل يخشى الرجل من تفوُّق المرأة عليه؟ وما سياستك في التعامل مع هذا الأمر؟
المسألة باعتقادي مسألة عادات وتقاليد، لم يتعوّد الرجل من المرأة أن تكون رئيسته، وتعوّد من صغره أن المرأة في خدمته، ولم يرَ أو ربما لم يُحْكَ له عن المرأة الإنسانة والمرأة الحكيمة.
بكل صراحة: كان الاحترام المتبادل يسود بيني وبين جميع مَن تعاملتُ معهم، وإذا ما تجاوز أحدهم حدود اللياقة والأدب ألجأ دائماً لرئيسه المباشر، وفي الغالب أتغاضى عن الهفوات، ولديّ قدرة على التسامح، المهم عندي إنجاز العمل بدقة وسرعة وتحقيق الأهداف التي حُددت من قبل؛ والقائد بأخلاقه والتزامه يفرض احترامه على الآخرين.
8. «منبر الداعيات»: هل تعتقدين أن المرأة المسلمة قادرة على الجمع بين التزامها بالضوابط الشرعية وبين تحقيق النجاحات الباهرة في الموقع القيادي الذي تتولاه؟
الشرع الإسلامي ليس عائقاً، العوائق موجودة في المفاهيم والمعتقدات، وقصص التاريخ تحفل بالنساء القياديات اللواتي خضن المعارك ووقفن إلى جنب الرجل مسانِدات ومستَشارات؛ فالشفاء بنت عبد الرحمن كانت أول امرأة ينصِّبها عمر بن الخطّاب على الحِسبة، المهم أن نضع الإنسان المناسب في المكان المناسب سواء كان رجلاً أو امرأة، ونهيِّئ البيئة ونعطي الفرص بتكافؤ؛ أي أن تحصل المرأة على فرص التعليم والترقية بالعدل والمساواة مع زميلها الرجل.
9. «منبر الداعيات»: كيف تجمع المرأة بين واجباتها تجاه أسرتها وبين واجباتها الوظيفية؟ وهل تنصحين المرأة - ذات الأطفال في مرحلة التربية وبناء الشخصية - أن تقتحم سوق العمل وتتقلد المناصب؟
بعد توفيق من الله وتنظيم للوقت والأولويات نستطيع تحقيق ذلك؛ فمثلاً لو كان لديّ أطفال عَلَيّ أن أجعل أولوياتي بيتي وعملي، ومعنى ذلك أنني سأتغيب عن كثير من المناسبات والالتزامات العائلية أو الاجتماعية إلى أن يكبر أولادي. إذا كانت لدى المرأة القدرة على ذلك فما المانع أن تخوض التجربة وخاصة إذا وجدت زوجاً داعماً لها؟
10. «منبر الداعيات»: هل المجتمع يحتاج حقيقةً للمرأة القيادية؟ ثم أليس من الأَوْلى أن نركز على إعداد «الأم القيادية» داخل أسرتها؟
ذكرتُ أننا يجب أن نركِّز على الأم والأسرة، ولكن لا أجد ما يمنع المرأة من تولّي المناصب القيادية لأنها كفؤ لها وليس فقط لأنها امرأة.
11. «منبر الداعيات»: كيف يستطيع القائد أن يخرّج جيلاً من القادة يكملون عنه المسيرة ويسعَوْن إلى المزيد من التطوير؟
بالتطوير والتدريب المستمر، وبمتابعتهم وتزويدهم بالمشورة والخبرة باستمرار حتى لو ترك المكان أو المنصب.
12. «منبر الداعيات»: ما العوامل التي ترفع من إنتاجية الفرد وتنقله من خانة المقلِّد إلى خانة المبدع؟
الإحسان في العمل؛ أي الإتقان، فكثيرة هي المرات التي ذكر القرآن فيها حب الله تعالى ومعيّته للمحسنين: {.. والله يحبُّ المحسنين}، كما أنّ الرسول [ بيّن أنّ الإتقان في العمل مما يحبه الله تعالى فقال [: «إنّ الله يحبُّ إذا عَمِلَ أحدكم عملاً أن يُتقنه». والإبداع يحتاج إلى بيئة غنية بالحرية الفكرية، بالإضافة لتأهيل المعلِّمين لاكتشاف وتبنّي المبدعين.
13. «منبر الداعيات»: كَثُر التركيز في العالم العربي على تنظيم الدورات التدريبية في مختلف ميادين التنمية البشرية: باعتقادك، ما نسبة الاستفادة العملية التي تحققها هذه الدورات؟
تأخرنا كثيراً بإيماننا بأهمية التنمية البشرية، حتى إن صدقاتنا وأعمال الخير لا توجَّه إلا لبناء المساجد وحَفر الآبار ومعونة الفقراء، مع العلم أنّ تنمية الإنسان وقدراته المهارية والفكرية على درجة كبيرة من الأهمية لأن الإنسان مكرّم من عند الرحمن وهو مسؤول عن عمارة الأرض، ولكي نحقق ذلك نحتاج لتنميته وبنائه بشكل ينافس الأمم.
14. «منبر الداعيات»: نصيحة تقدمينها للقيادات النسائية الإسلامية في العالم العربي.
أن نجعل كل عمل نقوم به خالصاً لوجه الله، وأن نؤمن بأنّ التوفيق والنجاح بيده سبحانه وتعالى، وأن نُثبت أن ديننا عظيم ونؤمن بأنه لولا توفيق الله ثم دعم أُسرنا لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه، ونتسلح بديننا ثم بعلمنا، ونربّي أجيالاً لتقود العالم مستقبلاً كما كان المسلمون الأوائل.
ختاماً، نشكر القيادية د. سمر السقاف على ما أفادت به من خبرتها في هذا المجال، ونسأل الله تعالى لنساء هذه الأمة حُسْنَ التدبيرـ ووضــــع الأمـــور في مواضِعها في أيِّ المواقع كنّ، وأن لا يغيب عن أفهامهنّ أن التربية التي يُنَشِّئن عليها أبناءهن ذكوراً وإناثاً عليها المعوّل - بعد توفيق الله - في صناعة جيل رجاله ونساؤه قادة، كلٌّ بحسب ما خلقه الله له وباختلاف الواجبات المنوطة به.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة