تربية الأبناء على الاختيار وعزيمة الإصرار
أبناؤنا في سني عمرهم الأولى فيهم طواعية أنعم الله علينا بها، يسهل من خلالها إكسابهم أيَ خلق نريد، فهم كالعود اللَيِن، لذا بالإمكان تقويم اعوجاجهم وتعديله، أما يوم يصلب ويكبر تصعب صياغته والتأثير فيه.
الأجيال السابقة امتازت بالعقول الراجحة والقدرة على الاختيار وتعليل سببه، كما امتازت بالصبر والقدرة على التحمل وعدم الانهيار أمام الصدمة الأولى، فالاختيار والثبات مع الإصرار من الصفات التي ينبغي أن نربي أبناءنا عليها، لا يستغني عنها شاب أو فتاة، وما نراه اليوم من تقليد أعمى وجري وراء "الموضة" ينمُ عن مستوى رديء لأبناء هذه الأمة، وليس أقل من خطورة ما نسمعه عن عجز وانحلال وتردد الأبناء وعدم الصبر والتحمل أمام أيِ مشكلة قد تواجههم وما أكثرها.
ولكي نكسب أبناءنا هذا بالإمكان فعل ما يلي:
1-من الصغر لا بدَ من تنويع الألعاب بألوانها وأشكالها...
2-بعد سنِ الثالثة لا بدَ من إكساب الطفل مهارة الاختيار بين الأشياء.
3-نختار أمام الأطفال ونبرر لهم سبب الاختيار؛ فنقول: هذا أجمل وهذا أنعم وهذا أكبر. ونمنعهم ونذكر السبب، ونعطيهم ونذكر السبب.
4-نكافئهم لحسن اختيارهم ونشيد بهم أما الآخرين.
5-نسألهم عن سبب الاختيار: لماذا نزور فلان؟ ولماذا لا نقف هنا؟
6-ننكر عليهم إن فعلوا شيئاً من دون تبرير وذكر لسبب اختيار هذا الفعل.
7-نروي لهم قصص أشخاص يحبّونهم ونركِز على موقف فيه حسن اختيار.
فهذا المفهوم التربوي يهمّنا أن يتربى أبناؤنا عليه، وإسلامنا أمرنا باستخدام عقولنا والتمييز بين الحسن والقبيح وذكر لنا أسباب الأمر بفعل أشياء وأسباب النهي عن ارتكاب أشياء أخرى.
وأما التربية على الصبر والثبات فما أشقّها في هذا الزمن الذي نميل فيه إلى الدّعة والخمول وعدم حبِ التضحية والصبر والحلم، ونحن اليوم على أبواب رمضان المبارك شهر الصبر والثبات والتدرُب على الالتزام بالعهود واتخاذ المواقف والالتزام بها بكل حزم.
ومن الأمور المساعدة على اكتساب هذا الخلق:
1-الابتعاد عن البذخ والترف لأن العيش الرغيد غالباً ما يؤدّي إلى الكسل والخمول.
2-نظهر لهم أن الأهداف لا يمكن أن تتحقّق من دون جهد ومشقّة.
3-نكسبهم عادة الصوم والامتناع عن الأكل والشرب ولو لوقت محدد وإذا تجاوزوا العاشرة نلزمهم بالصوم إن استطاعوا.
4-نضعهم في مواقف تحتاج إلى صبر كالانتظار مثلاً دون تأفف.
5-نكثِف الواجبات المنزلية بالتدرج ونعطيهم وقتاً للراحة ونحرص على إنهاء المطلوب.
6-نذكر لهم قصص أبطال ومتفوقين في علوم ومجالات شتى وصلوا إلى غاياتهم بالصبر والتأنّي والقدرة على التحمل.
7-نسير معهم ونعدهم بالراحة بعد التعب والمشقة، فإذا استرحنا نفرح ونلفت نظرهم إلى أن سبب الراحة والوصول إلى الهدف هو الصبر والتحمل.
8-نقوم بمسابقات بيت الأقران بالكتابة والركض والمصارعة الهادفة، ونثني على المنتصر ونبرر أن انتصاره بصبره.
9-نحفّظهم آيات وأحاديث في الصبر ونشرحها ونطبقها عملياً.
10- نبعدهم عن الإحباط وعن أصحاب الهمم المتراخية فالصاحب ساحب، ونسعى لإيجاد زملاء من المبدعين ونشجِع على تقليدهم.
11- نستغل شهر الصوم لتتكرس فكرة الصبر والالتزام بعهد الصوم وآدابه، وأن العيد قادم والفرصة للصائم الثابت.
وهكذا يبقى أبناؤنا تحت رعايتنا نخاف عليهم ونحرص على تربيتهم على كل خلق جميل، ونتوجّه إلى الله أن يرعاهم بحفظه وأن يثبتهم أمام هذه المغريات إذ أن الرذيلة عمّت الأرجاء ووسائل الإعلام تدعو إلى المنكرات، وإيجاد البديل يكاد يكون معدوماً فأين المنتديات الهادفة والمناشط بجوار المساجد، والموجِهون المربّون الذين يأخذون بأيدي الأهل ويرشدونهم إلى أفضل الأساليب؟
نسأل الله لأبنائنا الثبات ومحبة الإيمان والعمل بمقتضاه ولنا العون على هذه المهمة التي نؤجر عليها إن أحسنّا ونسأل عن تقصيرنا إن أهملنا.
فلنغتنم شهر الصبر والقرآن، ولنكن خير قدوة لأبنائنا والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ﴿وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون..﴾.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن