شبابنا... والمواقع الإباحية!! (1)
«لديّ في البيت تلفاز ولديّ أيضاً سكّين!!»، رحم الله الشيخ الشعراوي الذي ردّ بهذا الجواب عندما سأله أحد مريديه: «يا شيخ، هل لديك في البيت تلفاز؟»، وحين تعجب السائل واستفهم عن علاقة التلفاز بالسكّين، بين له الشيخ رحمه الله أن السكين يمكن أن تُستخدم للقتل كما يمكن أن تُستخدم في أعمال الطهو، وكذلك التلفاز يمكن أن يكون وسيلة ضرّ وأذى ويمكن أن يكون وسيلة نفع وفائدة... وهذا شأن كل وسائل التكنولوجيا، والمستخدم وحده هو الذي يقرر!!
والمشكلة التي تواجه شباننا هي المُغْرِيات التي لم يحسبوا حسابها، ولم تكن لهم في الأصل نية أن يقتربوا منها، ولكنهم يجدون أنفسهم وقد صاروا في أعماقها حتى غَدَوْا غير قادرين على التخلص منها!!
وبيَّنَتْ إحدى الإحصائيات في معهد بحوث الحاسب الآلي في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم التقنية أن المواقع الإباحية على الإنترنت تبلغ 4.2 مليون موقع، (12% من الإجمالي الكلي للمواقع)، والصفحات الإباحية 420 مليون صفحة!!
رقم مُخيف يضعنا أمام مسؤولية كبيرة، مع يقيننا أن هؤلاء المتصفحين من شبابنا ليسوا جميعاً شباباً سيئين يبحثون عن الرذيلة، ولكن يتمّ استدراجهم إلى المواقع الإباحية بطرق مختلفة:
رسائل الإعلانات التي ترسلها تلك المواقع إلى البريد الإلكتروني فيدخلها المتصفح جاهلاً فحواها.
النوافذ المفاجئة التي تقتحم تصفحه العادي بصورٍ إباحية يجد نفسه مندفعاً لدخول مواقعها.
الكلمات المخزّنة في ذاكرة محركات البحث العالمية التي تظهر للباحث عند كتابة الحرف الأول منها والتي تدفعه أحيانا لمتابعة البحث عن هذه الكلمات ليجد نفسه في غمار هذه المواقع...
قد تكون عناوين المواقع الإباحية مطابقةً لعناوين عالمية مشهورة باختلاف حرف أو حرفين، فإن أخطأ المستخدم في كتابة الاسم تظهر هذه المواقع عنوة.
أما سبب متابعة التصفح فيكون في البداية الفضول، ثم التعود، إلى أن يصير إدماناً. هذا وربما يعتمد الشاب دخول هذه المواقع وتصفحها، وينتقل إلى التعود عليها، ثم الإدمان على ارتيادها...
• والسؤال المهمّ الآن: كيف يعرف الشاب أنه أصبح مدمناً؟
حددت بعض الدراسات النفسية علامات المدمن بما يلي: الميل المستمر لزيادة مدة تصفح هذه المواقع، الشعور بالقلق عند الابتعاد عن الإنترنت، ضعف الإرادة لضبط نفسه والحد من تصفحها، انخفاض مستوى أدائه وإنتاجه العملي والعلمي وإهمال حياته الخاصة، الانعزال وحب الخلوة، الاضطراب في علاقاته الاجتماعية، وأخيراً: اللجوء إلى هذه المواقع كوسيلة للهروب من مشكلات الحياة اليومية.
• أما الأضرار التي تنعكس عليه جراء تصفح هذه المواقع وتبدأ بالتدرج كما يلي:
الاضطراب النفسي جراء إحساسه بالذنب وخوفه من انكشاف أمره أمام أهله وذويه، وما يرافق هذا الأمر من انعزاله وانطوائه على نفسه.
تأجج الشهوة واشتعالها، والتي غالباً ما تقوده إلى الوقوع في المعاصي...
استمراء الأفعال الإباحية واستسهالها لنفسه ولغيره، مما يجعل القيم والمبادئ تتزعزع في نفسه ثم تضمحل إلى أن تتلاشى.
استجرار الآخرين إليها بدافع رغبته في ألا يكون وحده الذي يرتكب هذا الفعل الذميم.
إصابته بأضرار صحية كثيرة ناجمة عن ازدياد إفراز الهرمونات الجنسية.....
سيطرة الأمور الجنسية على عقله وتفكيره مما يجعله مشلولاً عن أي إبداع أو إنتاج أو إنجاز.
يضعف الأداء الجنسي بعد فترة بسبب اعتياده على وضعيات وأساليب خاطئة ومحرمة، مما يسبب له الاضطراب النفسي، فيلجأ إلى ممارسات شاذة بدافع رغبته في عودة أدائه الجنسي إلى وضعه الطبيعي.
امتناعه عن الزواج بسبب هذه الأمور، والوقوع في مشاكل كثيرة في حال تزوج، ممّا يؤدي به في الغالب إلى الانفصال....
وهذه الأضرار يتربع في رأس قائمتها ارتكابه الإثم ومقارفته الفاحشة التي توقعه في غضب الله تعالى وسخطه ما لم يتب...
سيقول قائل الآن: إذن ما الحل أمام هذا الكمّ الكبير من وسائل الدعوة إلى الرذيلة وخاصة أننا نعيش في مجتمعات أبواب الحرام أمامنا مُشرّعة على مصراعَيها وأبواب الحلال موصدة بمئة ألف مفتاح؟!
لا شك أن الوقاية خير من قنطار علاج، لذا لا بد من إجراءات يتخذها الشاب لنفسه كسبيل للوقاية لمن لم يصبه هذا الداء العضال، كما لا بد من علاج فعال يتناوله المصاب ليتدارك أمره قبل أن يخسر حياته بما فيها....
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن