الفرق بين (طالق) (وأنتِ طالق) وحكم تكرار الطلاق
كتب بواسطة الشيخ الدكتورمحمد أديب كَلْكَل
التاريخ:
فى : في رحاب الشريعة
16628 مشاهدة
سئل فضيلة الشيخ عن رجل قال لزوجته في حالة غضبٍ شديد: طالق، طالق، طالق، فهل يقع طلاقه؟ فأجاب حفظه الله ونفع بعلمه:
طلاق الغضبان لا يقع لقوله عليه وآله الصلاة والسلام"لاطلاق في إغلاق". والغضب الذي لا يقع فيه الطلاق هو الذي لا يدري صاحبُه ماذا يقول، ومن يختلّ توازنه ولم يعد يَقدر على السيطرة على انفعالاته النفسية، وقد يلجأ إلى الضرب والشَّتم. هذا أولاً.
وثانياً: قوله، طالق، طلق، طالق، لفظ مفرد لا يشكِّل بمفرده جملة متكاملة بخلاف ما لو قال: أنتِ طالق، فقد تشكّلت جملة اسمية مؤلّفة من (مبتدأ وخبر) فيقع الطلاق حينئذ ثلاثاً إن كان يقصد في كل مرة إنشاء طلاقٍ جديد. أما إذا كان القصد التأكيد فيقع طلقة واحدة. يقول الباجوري في حاشيته 2/145: (لا بدّ في لفظ الطلاق من التصريح بالجزءَيْن كقوله: أنتِ طالق، فإذا قال: طالق، ولم يقل أنت، لم يقع شيء وإنْ نواه، ما لم يتقدم عليه كأن قالت له: أأنا طالق؟ فقال: طالق، لأنه حينئذ كالمذكور.
وثالثاً: سُئل صاحب العلاقة: هل صدرت منه ألفاظ مكفّرة قبل لفظ الطلاق كشتم الدين أو الخالق، فقال: نعم. فهذه الألفاظ المكفّرة يرتدّ بها قائلها يرتدّ بها قائلُها عن الإسلام والرِّدّة تفسخُ عقد النكاح، ولفظ الطلاق بعدها لا يصادف زوجيّة ولذا لا يُبنى عليه حكم.
وإنما المطلوب: النطق بالشهادتين أولاً مع التوبة الصادقة النَّصوح والعَزْمِ على أن لا يعود، وأن يجدّد نكاحه أمام شاهدَيْن بعد موافقة الزوجة.
هذا وإذا عقد رجل زواجه على امرأة ثم طلّقها قبل الدخول بها فإنها تبين منه ولا عدة له عليها، وعلى هذا تكون بمجرد تطليقها غير زَوجة لا حقيقةً ولا حكماً، فلا من قال لزوجته.أنت طالق، إنْ نوى بالتكرارتأكيد وقع الواحدة وقعت طلقة واحدة باتفاق العلماء. وإنْ نوى بكل مرة تلفَّظ بها ظلقةً مستقلة وكذلك إذا قال أنت طالق ثلاثاً، وقع طلاقه ثلاثاً.
وبانت منه بينونة كبرى يقع عليها طلاق آخر.فلو قال لها (أي غير المدخول بها): أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، لا تقع إلا تطليقة واحدة بائنة ببيونة صغرى، فإنّ الأولى-الطلقة- صادفتْ زوجة حقيقةً، والثانية والثالثة لم تصادف زوجة لا حقيقة ولا حكماً، فكانت لغواً، بخلاف ما لو قال لها: أنت طالق ثلاثاً، فإنه يقع ثلاثاً سواء كان قبلَ الدخول أو بعده.
أما الدخول بها فيقع عليها ثلاث تطليقات ما لم يتخلّل فصل بين الألفاظ ولم يقصد التأكيد، لأن اللفظ الأول وقع عليها وهي زوجة حقيقة، واللفظ الثاني والثالث وقعا عليها وهي زوجة حكماً، لأنها في العدّة من طلاق رجعي فيقع الثلاث.
أما إذا لم يتخلل فصل الألفاظ وقصد التأكيد فيقع طلقة واحدة.
يقول الدكتور نور الدين عِتْر في كتابه:أبغضُ الحلال": 0إن نوى بالتكرار تأكيد وقوع الواحدة، كأنْ قال لزوجته: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق فالواقع طلقة واحدة باتفاق العلماء، كمن يقول لولده: تعال خذ ليرة، فيرى منه نوعَ توقُّف فيكرّر الجملة ثلاثاً أو أكثر لتأكيد كلامه واستجلاب ولده فيدفع ليرة واحدة لا ثلاث ليرات، أما إذا نوى بكل مرة تلفّظ بها طلقةً مستقلة ليوقع ثلاث تطليقات وكذلك إذا جمع الثلاث مرة واحدة فقال: أنت طالق ثلاثاً، فيقع طلاقه ثلاثاً عند الجمهور) انتهى.
يراجع كتاب "الروضة" للإمام النووي رحمه الله تعالى:8/79- طبعة دمشق، وكتاب"مُغني المحتاج" شرح المنهاج، و"الفقه الإسلامي وأدلّته 7/371.
من كتاب الشيخ أديب كَلْكَل حفظه الله "إتحاف السائل، بما ورد من المسائل" ص132-134.
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة