أنت في وطنك
الفتاة السويدية التي وقفت خلفي في طابور الجوازات كانت في الرابعة عشر من عمرها.
قالت لامها وابيها اللذان كانا معها-لا أستطيع ان أجد جواز سفري وربما نسيته في الطائرة.
سألتها الام إن كانت قد فتشت حقيبتها بشكل جيد واجابت هي بالإيجاب فأشار والدها الى ضابطة تساعد الناس في القاعة وقال-اذهبي وكلميها.
لم اشأ ان اترك المشهد ووجدت نفسي في حوار جديد مع شخصيتي وطفولتي وشكلي.
تعجبت كيف أن الام والأب لم يوجها كلمة لوم واحدة لابنتهما ولم يتهماها بالإهمال او الغباء ولا اخذا حقيبتها ليفتشا بأنفسهما ولا هما عاتبا بعضهما وقالا-كان علينا ان نحتفظ بالأوراق الرسمية بدلا عنها.
هذا الشعب الوجودي لا يوبخ الاخرين على الماضي لأن الناس يعرفون ان كلامهم لا يغير شيئا مما حدث.
تعجبت كيف أن الاهل أشارا على ابنتهما ان تتكلم مع الضابطة ولم يخطر في بال أحدهما ان يذهب بدلا عنها.
هنا لا يتصور الاب أنه قادر على إيجاد حل لن يخطر ببال طفلته ولا الام تتصور أن من الصحيح ان تتحمل المسؤولية بدل طفلتها ففي ذلك إهانة لها وأي ام هذه التي تريد ان تهين طفلتها؟
ضابطة الجوازات هي الأخرى لم توبخ الفتاة بل قالت "سوف اتصل بطاقم الطائرة ليبحثوا فهذا امر مهم وجواز السفر ملك دولة السويد ولا نريده ان يضيع وعليك انت ان تعرفي أننا سنساعدك ونساندك وليست هناك أوراقا رسمية في العالم تمنع انسانا من دخول بلده-انت في وطنك!".
لم ينتهي المشهد لكننا وصلنا الى ضابط الجوازات وخرجنا قبل الفتاة وفي عقلي سؤال واحد-متى يكون لدي هذا الهدوء والاطمئنان؟ متى أقف انا او ابن ايّ من هذه الدول التي هجرتنا ونضحك مع ضابط امن في مطار رغم اننا اضعنا اوراقنا ؟ متى تكون لكلمة "انت في وطنك" هذا الإحساس العجيب بالحماية والطمأنينة ؟
من صفحه {مهاجر عراقي} !
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة